كان ملازما لغريم يخاف هربه، أو كان المطر واقعا والوديعة في البيت فأخر حتى ينقطع ويرجع إلى البيت، وما أشبه ذلك، فله التأخير قطعا. فلو تلفت الوديعة في تلك الحال، فقطع المتولي بأنه لا ضمان، لعدم تقصيره، وهذا مقتضى كلام البغوي أيضا. ولفظ الغزالي في الوسيط يشعر بتفصيل، وهو أنه إن كان التأخير لتعذر الوصول إلى الوديعة، فلا ضمان. وإن كان لعسر يلحقه، أو غرض يفوته، ضمن.
قلت: الراجح أنه لا يضمن مطلقا، وصرح به كثيرون. والله أعلم.
فرع قال المودع: لا أرد حتى تشهد أنك قبضتها، فهل له ذلك؟ فله ثلاثة أوجه سبق ذكرها في كتاب الوكالة ووجه رابع، أنه إن كان المالك أشهد بالوديعة عند دفعها، فله ذلك، وإلا، فلا.
فرع يشترط كون المردود عليه أهلا للقبض. فلو حجر عليه بسفه، أو كان نائما فوضعها في يده، لم يجز.
فرع أودعه جماعة مالا، وذكر أنه مشترك بينهم، ثم جاء بعضهم يطلبه، لم يكن للمودع القسمة ولا تسليم الجميع، بل يرفع الامر إلى الحاكم ليقسمه ويدفع إليه نصيبه.
فرع قال له: ردها على فلان وكيلي، فطلب الوكيل فلم يرد، فهو كما لو طلب المالك فلم يرد، لكن له التأخير ليشهد المدفوع إليه على القبض، لأنه لو أنكر، صدق بيمينه. وإن لم يطلب الوكيل، فإن لم يتمكن من الرد، لم تصر مضمونة، وإلا، فوجهان، لأنه لما أمره بالدفع إلى وكيله، عزله، فيصير ما في يده كالأمانة الشرعية، مثل الثوب تطيره الريح إلى داره. وفيها وجهان. أحدهما: تمتد إلى المطالبة. وأصحهما: تنتهي بالتمكن من الرد. قال ابن كج: ويجري الوجهان فيمن وجد ضالة وهو يعرف مالكها. وذكر إمام الحرمين في الأساليب، أنه لو قال:
رد الوديعة على من قدرت عليه من وكلائي هؤلاء ولا تؤخر، فقدر على الرد على بعضهم، وأخر ليرد على غيره، فهو ضامن عاص بالتأخير، وأنه لو لم يقل: ولا تؤخر، يضمن بالتأخير، وفي العصيان وجهان. وإنه لو قال: ردها على من شئت