الانتفاع بها قبل القسمة. نعم الحديث الثاني فيه دليل على أن الامام يقسم بين المجاهدين من الغنم ونحوها من الانعام ما يحتاجونه حال قيام الحرب ويترك الباقي في جملة المغنم، وهذا مناسب لمذهب الجمهور المتقدم فإنهم يصرحون بأنه يجوز للغانمين أخذ القوت وما يصلح به، وكل طعام يعتاد أكله على العموم من غير فرق بين أن يكون حيوانا أو غيره.
وقد استدل على أن المنع من ذبح الحيوانات المغنومة بغير إذن الإمام بما في الصحيح من حديث رافع بن خديج في ذبحهم الإبل التي أصابوها لأجل الجوع وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور.
قال ابن المهلب إنما أكفا القدور ليعلم ان الغنيمة إنما يستحقونها بعد القسمة ويمكن أن يحمل ذلك على أنه وقع الذبح في غير للوضع الذي وقع فيه القتال، وقد ثبت في هذا الحديث أن القصة وقعت في دار الاسلام لقوله فيها بذى الحليفة وقال القرطبي المأمور بإكفائه إنما هو المرق عقوبة للذين تعجلوا، وأما نفس اللحم فلم يتلف، بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغانم لأجل النهى عن إضاعة المال.
قوله (وان أصابوا كتبا..) لم يقل أحد أن النظر في كتب الديانات الأخرى معصية، بل الواجب يحتم علينا أن تعلم ما عندهم حتى تكون على بينة من أمرهم، وهاهم علماء المسلمين وأئمتهم ألفوا كتبا في الرد عليهم كابن حزم وغيره، وان عبد الله بن عمرو وقع له كتاب من كتبهم فكان يقرأه ويروى منه وكتب الفلسفة التي عربت والطب وغيرها من العلوم لم يقل أحد أن النظر فيها معصية.
قوله (وإذا أصابوا خمرا..) وهذا لا خلاف فيه فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإهراقها وهي ملك لأيتام مسلمين فكيف إذا كانت ملكا للحربيين وكذا الخنزير أما الكلب فقد بينه المؤلف، كما أشار في البيوع قوله (وما أصاب المسلمون من مال الكفار..) فقد سبق تبيانه في وصية أبى بكر الصديق لجيشه وما قيل في التحريق من آراء.