وقال إسحاق السلب للقاتل إلا أن يكون شيئا كثيرا فرأى الامام أن يخرج منه الخمس كما فعل عمر بن الخطاب وقال المباركفوري في التحفة (ذهب المجهور إلى أن القاتل يستحق السلب، سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلا فله سلبه أم لا، واستدلوا بحديث أبي قتادة. وروى عن مالك أنه يخير الامام بين أن يعطى القاتل السلب أو يخمسه، واختاره القاضي إسماعيل، واحتج القائلون بتخميس السلب لعموم قوله تعالى (واعلموا أنما غنمتم..) فإنه لم يستثن شيئا، قلت والآية عامة والأحاديث مخصصة، وبذا يمكن الجمع كما أن حديث عوف بن مالك وخالد لا خمس فيها قال الشوكاني يستحق القاتل جميع السلب وإن كان كثيرا، وعلى أن القاتل يستحق السلب في كل حال، حتى قال أبو ثور وابن المنذر يستحقه، ولو كان المقتول منهزما.
وقال أحمد لا يستحقه الا بالمبارزة، وعن الأوزاعي إذا التقى الزحفان فلا سلب، وقد اختلف إذا كان المقتول امرأة هل يستحق سلبها القاتل أم لا؟
فذهب أبو ثور وابن المنذر إلى الأولى، وقال الجمهور شرطه أن يكون المقتول من المقاتلة، واتفقوا على أنه لا يقبل قول من ادعى السلب الا ببينة تشهد له بأنه قتله والحجة في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه) فمفهومه أنه إذا لم يكن له بينة لا تقبل وعن الأوزاعي يقبل قوله بغير بينة، لان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه أبا قتادة بغير بينة، وفيه نظر لأنه وقع في مغازي الواقدي، وعلى تقدير أنه لا يصح فيحمل على أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنه القاتل بطريق من الطرق، وأبعد من قال من المالكية أن المراد بالبينة هنا الذي أقر له أن السلب عنده فهو شاهد والشاهد الثاني وجود المسلوب فإنه بمنزلة الشاهد على أنه قتله، وقيل إنما استحقه أبو قتادة بإقرار الذي هو بيده، وهذا ضعيف لان الاقرار إنما يفيد إذا كان المال منسوبا لمن هو بيده فيؤاخذ بإقراره والمال هنا لجميع الجيش، ونقل ابن عطية عن أكثر الفقهاء أن البينة هنا يكفي فيها شاهد واحد وقد اختلف في المرأة والصبي هل يستحقان سلب من قتلاه، وفى ذلك وجهان.