معلقا كمارن المجني عليه. وإن عفا عن القصاص لم تجب له الدية، وإنما تجب له الحكومة لأنها جناية لم نذهب بها منفعة، وإنما نقص بها جمال، وإن جنى على أنفه فاستحشف فهل تجب عليه الدية؟ قولان كما قلنا في الاذن إذا استحشف بالجناية، فإن قطع أنفا مستحشفا ففيه طريقان، كما قلنا فيمن قطع أذنا مستحشفة وإن قطع أنف أخشم وجب عليه الدية، لعموم الخبر، ولان ذهاب الشم لمعنى في غير الانف قوله ((وتجب بإتلاف الشم الدية) وهذا صحيح لما رواه عمر بن حزم في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرقه وفيها (وفى الشم الدية) كما قلنا فيه إذا أذهب البصر من إحدى العينين، وإن نقص شمه من المنخرين أو من أحدهما فهو كما قلنا فيمن نقص سمعه من الاذنين أو من أحدهما، وإن لم يعرف قدر نقصه وجبت فيه الحكومة، وإن قطع مارنه فذهب شمه وجبت عليه ديتان، لان الدية تجب في كل أحد منهما إذا انفرد، فوجبت في كل واحد منهما الدية وان اجتمعا كما لو قطع يديه ورجليه.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن جنى على رجل جناية لا أرش لها بأن لطمه أو لكمه أو ضرب رأسه بحجر فزال عقله وجب عليه الدية، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتاب عمرو بن حزم (وفى العقل الدية) ولان العقل أشرف من الحواس لان به يتميز الانسان من البهيمة، وبه يعرف حقائق المعلومات، ويدخل في التكليف، فكان بإيجاب الدية أحق وإن نقص عقله فإن كان يعرف قدر ما نقص بأن يجن يوما ويفيق يوما، وجب عليه من الدية بقدره، لان ما وجبت فيه الدية وجب بعضها في بعضه، كالأصابع. وإن لم يعرف قدره بأن صار إذا سمع صيحة زال عقله ثم يعود، وجبت فيه الحكومة لأنه تعذرا إيجاب جزء مقدر من الدية، فعدل إلى الحكومة فإن كانت الجناية لها أرش مقدر نظرت، فإن بلغ الأرش قدر الدية أو أكثر لم يدخل في دية العقل، ولم تدخل فيه دية العقل لما روى أبو المهلب عم أبى قلابة