وقال أحمد: لا يفرق بينهما بوجه وإن كبر الولد واحتلم، قلت ويشبه أن يكون المعنى في التفريق عند أحمد قطيعة الرحم، وصلة الرحم واجبة مع الصغر والكبر، ولا يجوز عند أصحاب الرأي التفريق بين الأخوين إذا كان أحدهما صغيرا والآخر كبيرا، فإن كانا صغيرين جاز وأما الشافعي فإنه يرى التفريق بين المحارم في البيع، ويجعل المنع في ذلك مقصورا على الولد، ولا تختلف مذاهب العلماء في كراهة التفريق بين الجارية وولدها الصغير، سواء كانت مسبية من بلاد الكفر أو كان الولد من زنا أو كان زوجها أهلها في الاسلام فجاءت بولد قوله (وإن سبى الزوجان أو أحدهما..) ولا خلاف فيما ذهب إليه المصنف ولذلك قال ابن حزم في مراتب الاجماع (واتفق أن من سبى من نساء أهل الكتاب المتزوجات وقتل زوجها وأسلمت هي أن وطأها حلال لمالكها بعد أن تستبرأ قال المباركفوري في التحفة (ويحرم على الرجل أن يطأ الأمة المسبية إذا كانت حاملا حتى تستبرئ بحيضة، وقد ذهب إلى ذلك الشافعية والحنفية والثوري والنخعي ومالك، وظاهر قوله (ولا غير حامل) أنه يجب الاستبراء للكبر، ويؤيده القياس على العدة فإنها تجب مع العلم ببراءة الرحم وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الاستبراء إنما يجب في حق من لم تعلم براءة رحمها، وأما من علمت براءة رحمها فلا استبراء في حقها، وقد روى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه قال إذا كانت الأمة عذراء لم يستبرئها ان شاء، وهو في صحيح البخاري عنه.
وقول الشوكاني ومن القائلين بأن الاستبراء إنما هو للعلم ببراءة الرحم فيحث تعلم البراءة لا يجب، وحيث لا يعلم ولا يظن يجب. أبو العباس بن سريج، وأبو العباس بن تيمية وابن القيم، ورجحه جماعة من المتأخرين، منهم الجلال والمقيلي والمغربي والأمير وهو الحق، لان العلة معقولة، فإذا لم توجد علامة كالحمل ولا مظنة كالمرأة المزوجة فلا وجه لا يجاب الاستبراء، والقول بأن الاستبراء تعدى وأنه يجب في حق الصغيرة، وكذا في حق البكر والآيسة ليس عليه دليل. انتهى