معنى السحر في اللغة: وهو مشتق من سحرت الصبي إذا خدعته، وقيل أصله الخفا، فإن الساحر يفعله خفية، وقيل أصله الصرف لان السحر مصروف عن جهته، وقيل أصله الاستمالة، لان من سحرك استمالك، وقال الجوهري السحر الآخذة وكل ما لطف ودق فهو سحر والساحر العالم وقد وافق أبو جعفر الاستراباذي المعتزلة والحنفية فقالوا إنه خداع لا أصل له ولا حقيقة، وإذا أردت الاستزادة فارجع إلى كتاب أحكام القرآن للجصاص وكتب المعتزلة ترى فصلا ضافيا عن هذا الموضوع، وذهب من عداهم أن له حقيقة مؤثرة.
(قلت) كنت أود أن أطيل في هذا الموضوع شرحا وتنقيبا مع تصحيح وتضعيف وتقوية للآراء الصحيحة، إلا أن الكتاب كتاب فقه لا يحتمل أكثر من هذا.
وقال تقى الدين السبكي في فتاويه ((أما مذهب الشافعي فحاصله أن الساحر له ثلاثة أحوال، حال يقتل كافرا، وحال يقتل قصاصا، وحال لا يقتل أصلا بل يعزر. أما الحالة التي يقتل فيها كفرا فقال الشافعي رحمه الله أن يعمل بسحره ما يبلغ الكفر، وشرح أصحابه ذلك بثلاثة أمثلة (أحدها) أن يتكلم بكلام وهو كفر ولا شك في أن ذلك موجب القتل، ومتى تاب منه قبلت توبته وسقط عنه القتل، وهو يثبت بالاقرار والبينة (المثال الثاني) أن يعتقد ما اعتقده من التقريب إلى الكواكب السبعة وأنها تفعل بأنفسها فيجب عليه أيضا القتل، كما حكاه ابن الصباغ وتقبل توبته، ولا يثبت هذا القسم إلا بالاقرار.
(المثال الثالث) أن يعتقد أنه حق يقدر به على قلب الأعيان فيجب عليه القتل، كما قاله القاضي حسين والماوردي، ولا يثبت ذلك أيضا الا بالاقرار، وإذا تاب قبلت توبته وسقط عنه القتل.
وأما الحالة التي يقتل فيها قصاصا، فإذا اعترف أنه قتل بسحره إنسانا فكما قاله انه مات به وان سحره يقتل غالبا فها هنا يقتل قصاصا ولا يثبت هذه الحالة إلا الاقرار ولا يسقط القصاص بالتوبة.