فاشترى هذا لم يكن ممتثلا لامره ولا ينفذ الشراء للموكل، وقد سألت القصاب يوما هل عندك لحم؟ فقال لا، عندي حوائج - يعنى الكبد والقلب والكلية - وقد دل على أن الكبد والطحال ليستا بلحم قوله صلى الله عليه وسلم " أحلت لكم ميتتان ودمان " أما الدمان فالكبد والطحال، ولا نسلم أنه لحم حقيقة، بل هو من الحيوان مع اللحم كالعظم والدم فإذا ثبت هذا فإنه إذا حلف ألا يأكل لحما فأكل من لحم الانعام أو الصيد أو الطائر من مأكولة اللحم فإنه يحنث في قول علماء الأمصار. وأما السمك فإنه لا يحنث بأكله، وبه قال أبو حنيفة وأبو تور، والظاهر من مذهب أحمد ومالك وأبى يوسف وأبي ثور وقتادة أنه يحنث وقال ابن أبي موسى في الارشاد لا يحنث به الا أن ينويه ودليلهم قوله تعالى " الله الذي سخر لكم البحر لتأكلوا منه لحما طريا " وقال " ومن كل تأكلون لحما طريا " ولأنه من جسم حيوان ويسمى لحما ودليلنا أنه لا ينصرف إليه اطلاق اسم اللحم، ولو وكل وكيلا في شراء اللحم فاشترى سمكا لم يلزمه، ثم إنه يصح أن ينفى عنه اسم اللحم عرفا واستعمالا فتقول ما أكلت لحما وإنما أكلت سمكا، فلم يتعلق به الحنث عند الاطلاق، كما لو حلف لا قعدت تحت سقف، فإنه لا يحنث تحت السماء، مع أن الله تعالى سماها سقفا فقال " وجعلنا السماء سقفا محفوظا " فإطلاق اسم اللحم على لحم السمك مجاز في القرآن واليمين إنما ينصرف إلى الحقيقة (فرع) أما في غير مأكول اللحم كالميتة والخنزير والمغصوب فهل يحنث بأكل لحمه؟ وجهان عندنا (الأول) لا يحنث بأكل المحرم بأصله لان يمينه تنصرف إلى ما يحل لا إلى ما يحرم فلم يحنث بما لا يحل، كما لو حلف لا يبع فباع بيعا فاسدا لم يحنث (والثاني) وبه قال أحمد وأبو حنيفة يحنث، لان الله تعالى سماه لحما فقال " ولحم الخنزير " ولأنه لو حلف أن لا يلبس ثوبا فلبس ثوب بحرير حنث، وأما البيع الفاسد فلا يحنث به لأنه ليس بيعا في الحقيقة (فرع) ان حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم لم يحنث، وبه قال أحمد. وقال
(٦٠)