والجنب وما يعلو اللحم ويتخلله من البياض حنث لأنه لحم سمين، وإن حلف على الشحم فأكل ذلك لم يحنث لأنه ليس بشحم، وان حلف على اللحم أو الشحم فأكل الكبد أو الطحال أو الرئة أو الكرش أو المخ لم يحنث لأنه مخالف للحم والشحم في الاسم والصفة.
وإن حلف على اللحم فأكل لحم الخد أو لحم الرأس أو اللسان ففيه وجهان أحدهما يحنث لأنه لحم، والثاني لا يحنث لان اللحم لا يطلق إلا على لحم البدن واختلف أصحابنا في الألية، فمنهم من قال هو شحم يحنث به في اليمين على الشحم ولا يحنث به في اليمين على اللحم لأنه يشبه الشحم في بياضه ويذوب كما يذوب الشحم، ومنهم من قال هو لحم فيحنث به في اليمين على اللحم ولا يحنث به في اليمين على الشحم لأنه نابت في اللحم ويشبهه في الصلابة. ومنهم من قال ليس بلحم ولا شحم ولا يحنث به في اليمين على واحد منهما، لأنه مخالف للجميع في الاسم والصفة فصار كالكبد والطحال وإن حلف على اللحم فأكل شحم العين لم يحنث لأنه مخالف للحم في الاسم والصفة، وان حلف على الشحم فأكله ففيه وجهان أحدهما يحنث به بدخوله في اسم الشحم، والثاني لا يحنث به لأنه لا يدخل في إطلاق اسمه، كما لا يدخل لحم السمك في إطلاق اليمين على اللحم، ولا التمر الهندي في اليمين على التمر.
(الشرح) قوله " كل ما يؤكل لحمه من النعم والوحش والطير " احترز به عما لا يؤكل لحمه ككل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير والخنزير والميتة وجملة ذلك أن الحالف على ترك أكل اللحم لا يحنث بأكل ما ليس بلحم من الشحم والمخ، وهو الذي في العظام، والدماغ وهو الذي في الرأس في قحفه ولا الكبد والطحال والرئة والقلب والكرش والمصران والقانصة ونحوها، وبهذا قال أحمد وقال أبو حنيفة ومالك، يحنث بأكل هذا كله لأنه لحم حقيقة، ويتخذ منه ما يتخذ من اللحم فأشبه لحم الفخذ دليلنا أنه لا يسمى لحما وينفرد عنه باسمه وصفته، ولو أمر وكيله بشراء لحم