خرجت من أهل الحيض وكانت من المؤيسات من المحيض اللاتي جعل الله عز وجل عددهن ثلاثة أشهر واستقبلت ثلاثة أشهر من يوم بلغت سن المؤيسات من المحيض لا تخلو إلا بكمال الثلاثة الأشهر، وهذا يشبه - والله أعلم - ظاهر القرآن، لان الله تعالى جعل على الحيض الأقراء وعلى المؤيسات وغير البوالغ الشهور فقال " واللاتي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر " قال والحيض يتباعد فعدة المرأة تنقضي بأقل من شهرين إذا حاضت ثلاثة حيض ولا تنقضي إلا بثلاث سنين وأكثر إن كان حيضها يتباعد، لأنه إنما جعل عليهن الحيض فيعتددن به وإن تباعد.
وإن كان البراءة من الحمل تعرف بأقل من هذا فإن الله عز وجل حكم بالحيض فلا أحيله إلى غيره. فهذا عدتها الحيض حتى تؤيس من المحيض بما وضعت من أن تصير إلى السن التي من بلغها من أكثر نسائها لم تحض. وقد يروى عن ابن مسعود وغيره مثل هذا القول أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان أنه كان عند جده هاشمية وأنصارية، فطلق الأنصارية وهي ترضع ابنته فمكث سبعة عشر شهرا لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض، ثم مرض حبان بعد أن طلقها بسبعة أشهر أو ثمانية فقلت له إن امرأتك تريد أن ترث، فقال لأهله احملوني إلى عثمان، فحملوه إليه فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب زيد بن ثابت، فقال لهما عثمان ما تريان؟
فقالا نرى أنها ترثه ان مات ويرثها ان ماتت فإنها ليست من القواعد التي قد يئسن من المحيض، وليست من الابكار اللاتي لم يبلغن المحيض، ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير، فرجع حبان إلى أهله فأخذ ابنته، فلما فقد الرضاع حاضت حيضة، ثم حاضت حيضة أخرى، ثم توفى حبان من قبل أن تحيض الثالثة فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها وورثته ثم روى طرق هذا الخبر إلى أن قال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد ويزيد ابن عبد الله بن قسيط عن ابن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب " أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعها حيضتها فإنها تنتظر تسعة أشهر، فإن بان بها حمل فذلك، والا اعتدت بعد التسعة أشهر ثم حلت اه