قال ابن قدامة: والصحيح أنه متى بلغت المرأة خمسين سنة فانقطع حيضها عن عادتها مرات لغير سبب فقد صارت آيسة، لان وجود الحيض في حق هذه نادر. بدليل قول عائشة وقلة وجوده، فإذا انضم إلى هذه انقطاعه عن العادات مرات حصل اليأس من وجوده، فلها حينئذ أن تعتد بالأشهر، وان انقطع قبل ذلك فحكمها حكم من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة التي كانت تراه فهو حيض في الصحيح: لان دليل الحيض الوجود في زمن الامكان. وهذا يمكن وجود الحيض فيه وإن كان نادرا، وان رأته بعد الستين فقد تيقن أنه ليس بحيض ذلك لا تعتد به وتعتد بالأشهر كالتي لا ترى دما.
(مسألة) إذا طلقها وهي من اللائي لم يحضن بأن كانت صغيرة أو كانت بالغا لم تحض إذا اعتدت بالشهور فحاضت قبل انقضاء عدتها ولو بساعة لزمها استئناف العدة في قول عامة الفقهاء. منهم سعيد بن المسيب والحسن بن مجاهد وقتادة.
والشعبي والنخعي والزهري والثوري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي وأهل المدينة وأهل البصرة. وذلك لان الشهور بدل عن الحيض. فإذا وجد المبدل بطل الحكم البدل كالتيمم مع الماء. ويلزمها ان تعتد بثلاثة قروء.
وهل تعتد بما مضى من الطهر قبل الحيض قرءا؟ فيه وجهان (أحدهما) تعتد به لأنه طهر انتقلت منه إلى حيض فأشبه الطهر بين الحيضتين. وهو قول أبى العباس لان القرء هو الطهر بين حيضتين. وهذا لم يتقدمه حيض فلم يكن قرءا (والثاني) لا تعتد به كما إذا اعتدت بقرأين ثم أيست استأنفت ثلاثة أشهر وهو قول أبي إسحاق.
فأما إذا انقضت عدتها بالشهور ثم حاضت بعدها ولو بلحظة لم يلزمها استئناف العدة، لأنه معنى حدث بعد انقضاء العدة كالتي حاضت بعد انقضاء العدة بزمن طويل.
ولو حاضت حيضة أو حيضتين ثم صارت من الآيسات استأنفت العدة بثلاثة أشهر. لأن العدة لا تلفق من جنسين. وقد تعذر اتمامها بالحيض فوجب تكميلها