(والثاني) تمكث أربع سنين، لأنه لو جاز الاقتصار على براءة الرحم في الظاهر لجاز الاقتصار على حيضة واحدة، لأنه يعلم بها براءة الرحم في الظاهر، فوجب أن يعتبر أكثر مدة الحمل ليعلم براءة الرحم بيقين. فإذا علمت براءة الرحم بتسعة أشهر أو بأربع سنين اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر، لما روى عن سعيد ابن المسيب رضي الله عنه " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في المرأة إذا طلقت فارتفعت حيضتها أن عدتها تسعة أشهر لحملها وثلاثة أشهر لعدتها، ولان تربصها فيما تقدم ليس بعدة وإنما اعتبر ليعلم أنها ليست من ذوات الأقراء فإذا علمت اعتدت بعدة الآيسات فان حاضت قبل العلم ببراءة رحمها أو قبل انقضاء العدة بالشهور لزمها الاعتداد بالأقراء لأنها تبينا أنها من ذوات الأقراء، فإن اعتدت وتزوجت ثم حاضت لم يؤثر ذلك في العدة لأنها انقضت العدة وتعلق بها حق الزوج فلم يبطل، فإن حاضت بعد العدة وقبل النكاح ففيه وجهان.
أحدهما لا يلزمها لاعتداد بالأقراء لأنا حكمنا بانقضاء العدة فلم يبطل بما حدث بعده، والثاني يلزمها لأنها صارت من ذوات الاقرار قبل تغلق حق الزوج بها فلزمها الاعتداد بالأقراء، فإن قلنا بقوله الجديد أنها تقعد إلى الأياس ففي الأياس قولان (أحدهما) يعتبر أياس أقاربها لأنها أقرب إليهن (والثاني) يعتبر أياس نساء العالم، وهو أن تبلغ اثنتين وستين سنة، لأنه لا يتحقق الأياس فيما دونها فإذا تربصت قدر الأياس اعتد ت بعد ذلك بالأشهر لان ما قبلها لم يكن عدة، وإنما اعتبر ليعلم أنها ليست من ذوات الأقراء.
(الشرح) قال النووي، قال أصحابنا: لا تؤمر في العدة بالأحوط والقعود إلى أن تبين اليأس، بل إذا طلقت أو فسخ نكاحها اعتدت بثلاثة أشهر أولها من حين الفرقة فإذا مضت ثلاثة أشهر ولم يكن حمل انقضت عدتها وحلت للأزواج لان الغالب أن المرأة تحيض وتطهر في كل شهر فحمل أمرها على ذلك.
قال أصحابنا ولأنا لو أمرناها بالقعود إلى اليأس عظمت المشقة وطال الضرر لاحتمال نادر مخالف للظن وغالب عادة النساء بخلاف إلزامها وظائف العبادات، فإن الامر فيه سهل بالنسبة إلى هذا، ولان غيرها يشاركها فيه.