جميعا فقد فعل ما أمر به، وإذا دل الخبر على المنع فلم يبق إلا طريق النظر.
فاحتج للجمهور بأن عقد اليمين لما كان يحله الاستثناء وهو كلام، فلان تحله الكفارة وهي فعل مالي أو بدني أولى، ويرجح قولهم أيضا بالكثرة. وذكر القاضي عياض أن عدة من قال بجواز تقديم الكفارة أربعة عشر صحابيا وتبعهم فقهاء الأمصار إلا أبا حنيفة.
قال الشوكاني ان المتوجه للعمل برواية الترتيب المدلول عليه بلفظ ثم، ولولا الاجماع المحكى على جواز تأخير الكفارة عن الحنث لكان ظاهر الدليل أن تقديم الكفارة واجب. وقال المازري للكفارة ثلاث حالات، أحدها قبل الحلف فلا تجزئ اتفاقا، ثانيها بعد الحلف والحنث فتجزئ اتفاقا. ثالثها بعد الحلف وقبل الحنث ففيها الخلاف.
وقد وقع في حديث عدى بن حاتم عند مسلم ما يوهم أن فعل الذي هو خير كفارته، فإنه أخرجه بلفظ " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليترك يمينه " هكذا أخرجه من وجهين ولم يذكر الكفارة، ولكن أخرجه من وجه آخر بلفظ " فرأى غيرها خيرا منها فليكفرها وليأت الذي هو خير " ومداره في الطرق كلها على عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي والذي أتى بالزيادة حافظ، وزيادة الحافظ معتمدة وقوله " من أوسط ما تطعمون " هو المتوسط ما بين قوت الشدة والسعة وقد أخرج ابن ماجة عن سفيان بن عيينة عن سليمان بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال " كان الرجل يقوت أهله قوتا فيه سعة، وكان الرجل يقوت أهله قوتا فيه شدة فنزلت (من أوسط ما تطعمون أهليكم) وقد ذكر الله تعالى في الكفارة الخلال الثلاث فخير فيها وعقب عند عدمها بالصيام، وبدأ بالطعام لأنه كان الأفضل في بلاد الحجاز لغلبة الحاجة إليه وعدم شبعهم، ولا خلاف في أن كفارة اليمين على التخيير قال ابن عباس ما كان في كتاب الله (أو) فهو مخير فيه، وما كان (فمن لم يجد) فالأول الأول. هكذا ذكره الإمام أحمد في التفسير. قال القاضي ابن العربي، والذي عندي أنها تكون بحسب الحال، فإن علمت محتاجا فالطعام