فإن كان الصوم لا يضر به كالصوم في الثناء ففيه وجهان (أحدهما) انه يجوز أن يصوم بغير إذنه لأنه لا ضرر عليه (والثاني) انه كالصوم الذي يضربه على ما ذكرناه لأنه ينقص من نشاطه في خدمته، فإن صام في المواضع التي منعناه من الصوم فيها أجزأه لأنه من أهل الصيام: وإنما منع منه لحق المولى، فإذا فعل بغير اذنه صح كصلاة الجمعة، فإن كان نصفه حرا ونصفه عبدا وله مال لم يكفر بالعتق، لأنه ليس من أهل الولاء ويلزمه أن يكفر بالطعام أو الكسوة. ومن أصحابنا من قال فرضه الصوم، وهو قول المزني لأنه ناقص بالرق وهو كالعبد، والمذهب الأول لأنه يملك المال بنصفه الحر ملكا تاما فأشبه الحر (الشرح) في قوله تعالى (أو كسوتهم) قرئ بكسر الكاف وضمها هما لغتان مثل إسوة وأسوة، وقرأ سعيد بن جبير ومحمد بن السميقع اليماني (أو كإسوتهم) يعنى كإسوة أهلك. والكسوة في حق الرجال الثوب الواحد أو كل ما يسمى كسوة عرفا أو أقل ما يقع عليه اسم الكسوة من قميص أو سراويل أو ازار أو رداء أو مقنعة أو عمامة، وفي القلنسوة وجهان. وذلك ثوب واحد. وبه قال أبو حنيفة والثوري وقال أحمد: تتقدر الكسوة بما تجزئ الصلاة فيه، فإن كان رجلا فثوب تجزئة الصلاة فيه، وإن كانت امرأة فدرع وخمار، وبهذا قال مالك. وممن قال لا تجزئه السراويل الأوزاعي وأبو يوسف. وقال إبراهيم النخعي ثوب جامع.
وقال الحسن كل مسكين حلة: ازار ورداء قال ابن عمر وعطاء وطاوس ومجاهد وعكرمة وأصحاب الرأي، يجزئه ثوب ثوب. ولم يفرقوا بين الرجل والمرأة. وحكى عن الحسن قال تجزئ العمامة.
وقال سعيد بن المسيب عباءة وعمامة، والطليان فارسي معرب ثوب يعطى به الرأس والبدن يلبس فوق الثياب إذا ثبت هذا فإنه يجوز أن يكسوهم من جميع أصناف الكسوة من القطن والكتان والصوف والشعر والوبر والخز، لان الله تعالى أمر بكسوتهم ولم يعين فأي جنس كساهم منه خرج به عن العهدة لوجود الكسوة المأمور بها.