وقال بعض أصحاب أحمد كالقاضي أبي بكر: إنه يحنث بنداء الميت، لان النبي صلى الله عليه وسلم كلهم وناداهم وقال " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ".
ويرد على هذا قوله تعالى " وما أنت يسمع من في القبور " ولأنه قد بطلت حواسه وذهبت نفسه، فكان أبعد من السماع من الغائب البعيد لبقاء الحواس في حقه، وإنما كان ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أمرا اختص به فلا يقاس عليه غيره.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وإن حلف لا يسلم على فلان فسلم على قوم هو فيهم ونوى السلام على جميعهم حنث، لأنه سلم عليه، وإن استثناه بقلبه لم يحنث لان اللفظ، وإن كان عاما إلا أنه يحتمل التخصيص فجاز تخصيصه بالنية، وإن أطلق السلام من غير نية ففيه قولان.
(أحدهما) أنه يحنث لأنه سلم عليهم، فدخل كل واحد منهم فيه.
(والثاني) أنه لا يحنث لان اليمين يحمل على المتعارف، ولا يقال في العرف لمن سلم على الجماعة وفيهم فلان: إنه كلم فلانا وسلم على فلان، وإن حلف لا يدخل على فلان في بيت فدخل على جماعة في بيت هو فيهم - ولم يستثنه بقلبه - حنث بدخوله عليهم، وان استثنى بقلبه عليهم ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يحنث كما لو حلف لا يسلم عليه فسلم عليهم واستثناه بقلبه (والثاني) أنه يحنث لان الدخول فعل لا يتميز فلا يصح تخصيصه بالاستثناء، والسلام قول فجاز تخصيصه بالاستثناء، ولهذا لو قال سلام عليكم إلا على فلان صح، وإن قال دخلت عليكم إلا على فلان لم يصح.
(فصل) وإن حلف لا يصوم أو لا يصلى فدخل فيهما حنث، لأنه بالدخول فيهما سمى صائما ومصليا، وان حلف لا يبع أو لا يتزوج أو لا يهب لم يحنث إلا بالايجاب والقبول ومن أصحابنا من قال يحنث في الهبة بالايجاب من غير قبول، لأنه يقال