والمستقبل بخلافه فإنه يراد بالنكاح والبيع الملك وبالصلاة القربة. ودليلنا أن ما لا يتناوله الاسم في المستقبل لا يتناوله في الماضي كالايجاب وغير المسمى، وما ذكروه لا يصح لان الاسم لا يتناول الا الشرعي (فرع) الوصية قد يتبادر إلى الخاطر أنها تنزل منزلة الهبة والبيع وما فيه إيجاب وقبول فإننا قد علمنا قول المذهب في الهبة ولكن الوصية يقع عليها الاسم بدون القبول، ولهذا لما قال الله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " إنما أراد الايجاب دون القبول، ولان الوصية صحيحة قبل موت الموصى ولا قبول لها حينئذ، وإذا كان الشافعي رضي الله عنه يقول " إذا صح الحديث فهو مذهبي " فإنه - لاشك - أن مذهبه في الوصية هو ما ذهبنا إليه المفهوم من الآية بناء على أصله وإذا حلف لا يهب له فأهدى إليه أو أعمره حنث وان أعطاه من الصدقة الواجبة أو نذر كفارة حنث.
ولأصحاب أحمد قولان (أحدهما) لا يحنث. وهو قول أصحاب الرأي لأنهما يختلفان اسما فاختلفا حكما، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " هو عليه صدقة ولنا هدية " وكانت الصدقة محرمة عليه والهدية حلال له، وكان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة: فمع هذا الاختلاف لا يحنث في أحدهما بفعل الآخر.
دليلنا أنه تبرع بعين في الحياة فحنث به كالهدية، ولان الصدقة تسمى هبة فلو تصدق بدينار قيل وهب دينارا وتبرع بدينار. واختلاف التسمية لكون الصدقة نوعا من الهبة فيختص باسم دونها، كاختصاص الهدية والعمرى باسمين ولم يخرجهما ذلك عن كونهما هبة. وكذلك اختلاف الأحكام فإنه قد يثبت للنوع ما لا يثبت للجنس، كما يثبت للآدمي من الأحكام ما لا يثبت لمطلق الحيوان فإن وصى له لم يحنث، لان الهبة تمليك في الحياة، والوصية إنما تملك بالقبول بعد الموت، فإن أعاره لم يحنث لان الهبة تمليك الأعيان وليس في العارية تمليك عين ولان المستعير لا يملك المنفعة وإنما يستبيحها، ولهذا يملك المعير الرجوع فيها، ولا يملك المستعير اجارتها ولا اعارتها.
(مسألة) إذا حلف لا صليت صلاة حنث بتكبيرة الاحرام وفي الصيام حنث