(فرع) واختلف أصحابنا في كيفية الاكراه على القتل، فقال ابن الصباغ لا يكون الاكراه عليه إلا بالقتل أو بجرح يخاف منه التلف، فأما إذا أكرهه بضرب لا يموت منه أو بأخذ مال فلا يكون إكراها، لان ذلك لا يكون عذرا في إتلاف النفس بحرمتها، ولهذا يجب عليه الدفع عن نفسه في أحد الوجهين، ولا يجب عليه الدفع عن ماله، بل يجب عليه بذله لاحياء نفس غيره وقال الشيخ أبو حامد في التعليق: إذا أكرهه بأخذ المال على القتل كان إكراها كما قلنا في الاكراه على الطلاق وقال الطبري: إذا أكرهه على القتل بما لا تحتمله نفسه كان اكراها، كما قلنا في الطلاق.
(فرع) وان أمر خادمه الصغير الذي لا يميز، أو كان أعجميا لا يميز ويعتقد طاعته في كل ما يأمره به بقتل رجل بغير حق فتقله وجب القود والكفارة على الآمر ولا يجب على المأمور شئ: لان المأمور كالآلة فصار كما لو قتله بيده.
وكذلك إذا كان المأمور يعتقد طاعته كل من أمره فالحكم فيه وفيما سبقه واحد.
ولو أمر بسرقة نصاب لغيره من حرز مثله فسرقه لم يجب على الامر القطع، لان وجوب القصاص أكد من وجوب القطع في السرقة، ولهذا يجب القصاص في السبب ولا يجب القطع في السبب.
وان قال للصغير الذي لا يميز أو الأعجمي الذي يعتقد طاعته في كل ما يأمره به اقتلني فقتله، كان دمه هدرا لأنه آلة له فهو كما لو قتل نفسه، وتجب عليه الكفارة وان أمر الصغير الذي لا يميز أو البالغ المجنون أن يذبح نفسه فذبحها أو يخرج مقتلا من نفسه فأخرجه فمات - فإن كان عبده - لم يجب عليه ضمانه لأنه ملكه، ولكنه يأثم وتجب عليه الكفارة، وإن كان عبدا لغيره وجبت عليه قيمته والكفارة ويجب عليه القود.
وان قال للأعجمي الذي يعتقد طاعة كل من يأمره اذبح نفسك فذبحها لم يجب على الامر الضمان، لأنه لا يجوز أن يخفى عليه بأن قتل نفسه لا يجوز، وان جاز أن يخفى عليه أن قتل غيره يجوز. وان أمره أن يخرج مقتلا من نفسه فجرحه ومات فإن الشيخ أبا حامد ذكر أن حكمه حكم ما لو أمر بقتل نفسه. وذكر