قال فادخلوها، فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار، فكانوا كذلك حتى سكن غضبه وطفئت النار، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " لو دخلوها لم يخرجوا منها أبدا " وقال " لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف " وفي حديث معاذ بن جبل عند أحمد " لا طاعة لمن لم يطع الله " وفي حديث عبادة بن الصامت عند أحمد والطبراني " لا طاعة لمن عصى الله " ولفظ البخاري " فإذا أمر بمعصية فلا سمع بمعصية فلا سمع ولا طاعة " وخبر القاسم بن عبد الرحمن مضى في الايمان أما الأحكام فإذا أمر الامام رجلا أن يقتل رجلا بغير حق فقتله فلا يخلو إما أن يكرهه على قتله أو لا يكرهه، فإن لم يكرهه بل قال له اقتله، فإن كان المأمور يعلم أنه أمر بقتله بغير حق لم يحل له قتله، لقوله صلى الله عليه وسلم " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " وقال صلى الله عليه وسلم " من أمركم من الولاة بغير طاعة الله فلا تطيعوه " فان خالف وقتله المأمور بذلك وجب عليه العقود والكفارة لأنه قتله بغير حق، لا يلحق الامام الاثم لقول صلى الله عليه وسلم " من أعان على قتل امرئ مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى " هذا نقل البغدادين، وقال الخراسانيون هل يكون مجرد الامر من الامام أو السلطان إكراها؟ فيه وجهان.
وأما إذا كان المأمور لا يعلم أنه أمر بقتله بغير حق وجب على الامام القود والكفارة، لان الامام لا يباشر القتل بنفسه، وإنما يأمر به غيره، فإذا أمر غيره وقتله بغير حق تعلق الحكم بالامام كما لو قتله بيده. وأما المأمور فلا يجب عليه اثم ولا قود ولا كفارة لان اتباع أمر الامام واجب عليه، لأن الظاهر أنه لا يأمر الا بحق.
قال الشافعي رضي الله عنه وأرضاه وأحب له لو كفر، وأما إذا أمره أو أكرهه الامام على القتل وعلم المأمور أنه يقتل بغير حق فلا يجوز للمأمور القتل لما ذكرناه إذ لم يكره، فان قتل فإنه يأثم بذلك ويفسق، ويجب على الامام القود