بسهم فتله وأما المكره ففيه قولان (أحدهما) لا يجب عليه القود، لأنه قتله للدفع عن نفسه فلم يجب عليه القود كما لو قصده رجل ليقتله فقتله للدفع عن نفسه (والثاني) أنه يجب عليه القود وهو الصحيح، لأنه قتله ظلما لاستبقاء نفسه، فأشبه إذا اضطر إلى الاكل فقتله ليأكله.
وأن أمر الامام بقتل رجل بغير حق - فإن كان المأمور لا يعلم أن قتله بغير حق - وجب ضمان القتل من الكفارة والقصاص والدية على الامام، لان المأمور معذور في قتله، لأن الظاهر أن الامام لا يأمر الا بالحق. وإن كان يعلم أنه يقتله بغير وجب ضمان القتل من الكفارة والقصاص أو الدية على المأمور لأنه لا يجوز طاعته فيما لا يحل، والدليل عليه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " وقد روى الشافعي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أمركم من الولاة بغير طاعة الله فلا تطيعوه " فصار كما لو قتله من غير أمره، وأن أمره بعض الرعية بالقتل فقتل وجب على المأمور القود، على أنه يقتله بغير حق أو لم يعلم، لأنه لا تلزمه طاعته، فليس الظاهر أنه يأمره بحق فلم يكن له عذر في قتله، فوجب عليه القود.
وان أمر بالقتل صبيا لا يميز أو أعجميا لا يعلم أن طاعته لا تجوز في القتل بغير حق فقتل وجب القصاص على الآمر، لان المأمور ههنا كالآلة للآمر، ولو أمره بسرقة مال فسرقه لم يجب الحد على الآمر، لان الحد لا يجب الا بالمباشرة والقصاص يجب بالتسبب والمباشرة (فصل) وان شهد شاهدان على رجل بما يوجب القتل فقتل بشهادتهما بغير حق، ثم رجعا عن شهادتهما، وجب القود على الشهود، لما روى القاسم بن عبد الرحمن " أن رجلين شهدا عند علي كرم الله وجهه على رجل أنه سرق فقطعه ثم رجعا عن شهادتهما، فقال لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما " وأغرمهما دية دية، ولأنهما توصلا إلى قتله بسبب يقتل غالبا فوجب عليهما القود، كما لو جرحاه فمات.