(الشرح) الأحكام: إذا وجبت على الولد نفقة الأب والجد قبل الأب أو من قبل الأم واحتاج الأب أو الجد إلى الاعفاف بزوجة وجب على الولد أن يعفقه بذلك إذا قدر على ذلك.
قال ابن خيران: وفيها قول آخر أنه لا يجب عليه ذلك، وبه قال أبو حنيفة لأنه قريب فلم يستحق الاعفاف كالابن، والأول أصح لأنه معنى يحتاج إليه، ويستضر بفقده فلزمه كالنفقة والكسوة، ويخالف الابن فإن الأب آكد حرمة منه فوجب له مالا يجب له، وإن كان الوالد معسرا صحيحا غير مكتسب - فإن قلنا تجب نفقته على الولد - وجب عليه إعفافه، وإن قلنا لا تجب نفقته عليه ففي إعفائه وجهان (أحدهما) لا يجب عليه إعفافه لأنه لا يجب عليه نفقته فلم يجب عليه إعفافه كالموسر.
(والثاني) يجب عليه إعفافه لان نفقته يمكن إيجابها في بيت المال بخلاف الاعفاف، وإذا وجب على الولد الاعفاف فهو بالخيار بين أن يملكه جارية يحل له وطؤها أو يدفع إليه مالا يشترى به جارية أو يشتريها له بإذنه، وفي عصرنا هذا لم يبق الا وجه واحد وهو أن يدفع إليه مالا ليتزوج به أو يتزوج له بإذنه، ولا يجوز أن يزوجه أمة لأنه صار مستغنيا به، ولا يعفه بقبيحة ولا بعجوز لا استمتاع بها، لأنه لا يحصل المقصود بذلك، فإن ملكه جارية أو دفع إليه مالا فتزوج به امرأة ثم أيسر الأب لم يلزمه رد ذلك، لأنه قبض ذلك وهو يستحقه، فإن طلق الزوجة أو أعتق الأمة لم يلزم الولد أن يعفه ثانيا، لأنه فوت ذلك على نفسه، وان ماتت الزوجة أو الأمة ففيه وجهان (أحدهما) لا يلزمه اعفافه ثانيا، لأنه إنما يجب عليه اعفافه مرة وقد فعل (والثاني) يلزمه وهو الأصح لأنه لا صنع له في تفويت ذلك (مسألة) قوله: وإن احتاج الولد إلى الرضاع الخ، فجملة ذلك أنها إذا ولدت ولدا وجب عليها أن تسقيه اللبا حتى يروى، لأنه لا يعيش الا بذلك، فإن كان للطفل مال وجبت أجرة رضاعة في ماله كما تجب نفقته إذا كان كبيرا في ماله، وان لم يكن له مال وجبت ارضاعه على من تجب عليه نفقته لو كان كبير لقوله تعالى