ولأنهما لو كانا موسرين والابن معسرا قدم الأب في وجوب النفقة عليها فقدم في النفقة له.
(والثالث) أنهما سواء، لان النفقة بالقرابة لا بالتعصيب، وهما في القرابة سواء، وإن كان له أب وابن ففيه وجهان، أحدهما أن الابن أحق لان نفقته ثبتت بنص الكتاب. والثاني أن الأب أحق لان حرمته آكد، ولهذا لا يقاد بالابن ويقاد به الابن، وإن كان له ابن وابن ابن أو أب وجد، ففيه وجهان (أحدهما) أن الابن أحق من ابن الابن والأب أحق من الجد لأنهما أقرب، ولأنهما لو كانا موسرين وهو معسر كانت نفقته على أقربهما، فكذلك في نفقته عليهما (والثاني) أنهما سواء لان النفقة بالقرابة، ولهذا لا يسقط أحدهما بالآخر إذا قدر على نفقتهما.
(فصل) ومن وجبت عليه نفقته بالقرابة وجبت نفقته على قدر الكفاية لأنها تجب للحاجة فقدرت بالكفاية، وان احتاج إلى من يخدمه وجبت نفقه خادمه، وإن كانت له زوجة وجبت نفقة زوجته، لان ذلك من تمام الكفاية وان مضت مدة ولم ينفق على من تلزمه نفقته من الأقارب لم يصر دينا عليه، لأنها وجبت عليه لنزجية الوقت ودفع الحاجة، وقد زالت الحاجة لما مضى فسقطت.
(الشرح) الحديث أخرجه أحمد والبخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ " قال رجل: يا رسول الله أي الناس أحق منى بحسن الصحبة؟
قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك: قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك " ولمسلم في رواية " من أبر؟ قال أمك " وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال " قلت يا رسول الله من أبر؟ قال أمك قال قلت ثم من؟ قال أمك: قال قلت يا رسول الله ثم من؟ قال أمك: قال قلت ثم من؟ قال أباك ثم الأقرب فالأقرب " وأخرجه أيضا الحاكم وحسنه أبو داود عن بهز أيضا، ويؤخذ على المصنف قوله " لما روى " لما لم يسم فاعله وهي صيغة