وقال مجاهد: الآية واردة في المستحاضة لا تدرى دم حيض هو أو دم علة وقوله " ان ارتبتم " أي شككتم، وقيل تيقنتم، وهو من الأضداد يكون شكا ويقينا كالظن، واختيار الطبري أن يكون المعنى إن شككتم فلم تدروا ما الحكم فيهن.
وقال الزجاج إن ارتبتم في حيضها وقد انقطع عنها الحيض وكانت ممن يحيض مثلها. قال القشيري وفي هذا نظر، لأنا إذا شككنا هل بلغت سن اليأس لم نقل عدتها ثلاثة أشهر، والمعتبر في سن اليأس في قول: أقصى عادة امرأة في العالم، وفي قول غالب نساء عشيرة المرأة على أن المرتابة في عدتها لا تنكح حتى تستبرئ من الريبة، وبارتفاع الريبة تنقضي عدتها. وقد أجمع أهل العلم على أنها إن كانت من الآيسات أو ممن لم يحضن فعدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن " فإن كان الطلاق في أول الهلال اعتبر ثلاثة أشهر بالأهلة لقوله تعالى " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج " وقال سبحانه " إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم " ولم يختلف الناس في أن الأشهر الحرم معتبرة بالأهلة.
وان وقع الطلاق في أثناء الشهر اعتدت بقيته ثم اعتدت شهرين بالأهلة ثم اعتدت من الشهر الثالث تمام ثلاثين يوما. وهذا مذهب مالك وأحمد وقال أبو حنيفة: تحتسب بقية الأول وتعتد من الرابع بقدر ما فاتها من الأول تاما كان أو ناقصا، لأنه لو كان من أول الهلال كانت العدة بالأهلة، فإذا كان من بعض الشهر وجب قضاء ما فات منه.
وخرج أصحاب أحمد وجها ثانيا أن جمع الشهور محسوبة بالعدد. وهو قول ابن بنت الشافعي، لأنه إذا حسب الأول بالعدد كان ابتداء من بعض الشهر فيجب أن يحسب بالعدد وكذلك الثالث، وهذا خطأ لان الشهر يقع على ما بين الهلالين وعلى الثلاثين ولذلك إذا غم الشهر كمل ثلاثين والأصل الهلال، فإذا أمكن اعتبار الهلال اعتبروا. وإذا تعذر رجعوا إلى العدد. وفي هذا انفصال