وإن بقيت له على امرأته طلقة فقالت طلقني ثلاثا فطلقها واحدة - وقلنا بقول أبى العباس بن سريج وأبي إسحاق المروزي - أنها إذا علمت أنه لم يبق إلا طلقة، وقالت: ما كنت عالمة بذلك تحالفا، لأنهما اختلفا في عدد الطلاق المبذول به الألف فهي تقول: ما بذلت الألف إلا في مقابلة الثلاث، والزوج يقول:
بذلت الألف في مقابلة الواحدة لعلك بها، فتحالفا كما لو كان يملك عليها ثلاث طلقات، واختلفا في عدد الطلاق، وجب عليه مهر مثلها لما ذكرناه.
(مسألة) قوله: وإن قال: خالعتك إلخ، وهذا كما قال، فإنه إذا قال:
خالعتك على ألف درهم فقالت: ما بذلت لك العوض على طلاقي، وإنما بذل لك زيد العوض من ماله على طلاقي، فالقول قولها مع يمينها، لان الأصل براءة ذمتها، تبين منه لاتفاقهما على طلاقها بعوض.
وان قال: خالعتك بألف في ذمتك، فقالت: خالعتني في ذمتي الا أن زيدا ضمنها عنى، لزمها الألف، لأنها أقرت بوجوبها عليها الا أنها ادعت أن زيدا ضمنها، وذلك لا يسقط من ذمتها. وان قالت: خالعتني بألف يعدها عنى زيد لزمها الألف لأنها أقرت بوجوبها عليها، لان زيدا لا يعد عنها الا ما وجب عليها، وان قال: خالعتك على ألف درهم في ذمتك، أو في يديك، وقالت:
بل خالعتني على ألف درهم في ذمة زيد لي، ففيه وجهان.
(أحدهما) أنهما يتحالفان لأنهما اختلفا في عين العوض فتحالفا كما لو قال خالعتك على هذه الدراهم في هذا الكيس، فقالت: بل على هذه التي في الكيس الآخر، والثاني: أنهما لا يتحالفان، لأن الخلع على ما في ذمة الغير لا يصح، لأنه غير مقدور عليه، فهو كما لو خالعها على بهيمتها الضالة، أو عبدها الآبق فعلى هذا يلزمها مهر مثلها، والمذهب الأول، لان بيع الدين في الذمة من غير السلم والكتابة يصح في أحد الوجهين، وان قلنا: لا يصح؟ فلم يتفقا على أنه خالعها عليه وإنما هي تدعى ذلك، والزوج ينكره فهو كما لو قالت: خالعني على خمر أو خنزير فقال: بل على الدراهم أو الدنانير فإنهما يتحالفان فهذا مثله، والله تعالى أعلم بالصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل.