فإن قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق ثلاثا، فأعطته بعض الألف لم يقع شئ، لان ما كان من جهته طريقه الصفات، ولم توجد الصفة فلم يقع، وما كان من جهتها طريقه الأعواض، فقسم على عدد الطلاق، وإن بقيت له على امرأته طلقة فقالت له طلقني ثلاثا ولك على ألف، فطلقها واحدة، فالمنصوص أنه يستحق الألف. واختلف أصحابنا فيه فقال أبو العباس وأبو إسحاق: المسألة مفروضة في امرأة علمت أنه لم يبقى لها إلا طلقة، فيكون معنى قولها طلقني ثلاثا أي كمل لي الثلاث، كرجل أعطى رجلا نصف درهم، فقال له اعطني درهما أي كمل لي درهما، وأما إذا ظنت أن لها الثلاث لم يجب أكثر من ثلث الألف لأنها بذلت الألف في مقابلة الثلاث فوجب أن يكون لكل طلقة ثلث الألف.
ومن أصحابنا من قال يستحق الألف بكل حال لان القصد من الثلاث تحريمها إلى أن تنكح زوجا عيره، وذلك يحصل بهذه الطلقة فاستحق بها الجميع، وقال المزني رحمه الله: لا يستحق إلا ثلث الألف علمت أو لم تعلم، لان التحريم يتعلق بها وبطلقتين قبلها، كما إذا شرب ثلاثة أقداح فسكر كان السكر بالثلاث، وإذا فقأ عين الأعور كان العمى بفقء الباقية وبالمفقوءة قبلها، وهذا خطأ لان لكل قدح تأثيرا في السكر، ولذهاب العين الأولى تأثيرا في العمى، ولا تأثير للأولى والثانية في التحريم، لأنه لو كان لهما تأثير في التحريم لكمل، لأنه لا يتبعض وان ملك عليه ثلاث تطليقات فقالت له طلقني طلقة بألف فطلقها ثلاثا استحق الألف لأنه فعل ما طلبته وزيادة، فصار كما لو قال من رد عبدي فلانا فله دينار فرده مع عبدين آخرين فإن قالت طلقني عشرا بألف فطلقها واحدة ففيه وجهان (أحدهما) يجب له عشر الألف لأنها جعلت لكل طلقة عشر الألف (والثاني) يجب له ثلث الألف لان ما زاد على الثلاث لا يتعلق به حكم، وان طلقها ثلاثا فله على الوجه الأول ثلاثة أعشار الألف، وعلى الوجه الثاني له جميع الألف، وان بقت له طلقة فقالت له: طلقني ثلاثا على ألف، طلقة أحرم بها عليك وطلقتين في نكاح آخر إذا نكحتني، فطلقها ثلاثا، وقعت طلقة ولا يصح ما زاد لأنه سلف في