ولهذا قدر به الخيار في البيع (والثاني) أمهل بقدر ذلك، فإنه يعتبر أن يصير إلى حال يجامع في مثلها في العادة، وكذلك يمهل حتى يرجع إلى بيته، لان العادة فعل ذلك في بيته. وإن كان لها عذر يمتنع من وطئها لم يكن لها المطالبة بالفيئة لان الوطئ ممتنع من جهتها، فلم يكن لها مطالبته بما يمنعه منه، ولان المطالبة مع الاستحقاق وهي لا تستحق الوطئ في هذه الأحوال وليس لها المطالبة بالطلاق لأنه إنما يستحق عند امتناعه من الفيئة الواجبة، ولم يجب عليه شئ، ولكن تتأخر المطالبة إلى حال زوال العذر، إن لم يكن العذر قاطعا المدة كالحيض، أو كان العذر حدث بعد انقضاء المدة فان عفت عن المطالبة بعد وجوبها فإنه لا يسقط حقها في المطالبة متى شاءت وعند أحمد وأصحابه وجهان: أحدهما يسقط حقها وليس له المطالبة بعده.
وقال القاضي: هذا قياس المذهب لأنها رضيت بإسقاط حقها من الفسخ لعدم الوطئ فسقط حقها كامرأة العنين إذا رضيت بعنته، والثاني لا يسقط حقها ولها المطالبة متى شاءت.
دليلنا أو المطالبة إنما ثبتت لرفع الضرر بترك ما يتجدد من الأحوال فكان لها الرجوع، كما لو أعسر في النفقة فعفت عن المطالبة بالفسخ ثم طالبت، وفارق الفسخ للعنة، فإنه فسخ لعيبه، فمتى رضيت بالعيب سقط حقها، كما لو عفا المشترى عن عيب المبيع، وان سكتت عن المطالبة ثم طالبت بعد فلها ذلك، لان حقها يثبت على التراخي فلم يسقط بتأخير المطالبة كاستحقاق النفقة (فرع) الأمة كالحرة في استحقاق المطالبة، سواء عفا السيد عن ذلك أو لم يعف، لان هذا حقها من الاستمتاع، فان تركت المطالبة لم يكن لمولاها الطلب لأنه لا حق له.
فإن كانت المرأة صغيرة أو مجنونة فليس لهما المطالبة لان قولهما غير معتبر وليس لوليهما المطالبة لهما، لان هذا طريقه الشهوة فلا يقوم غيرهما مقامهما فيه فإن كانتا ممن لا يمكن وطؤهما لم يحتسب عليه بالمدة. لان المنع من جهتهما، وإن كان وطؤهما ممكنا - فإن أفاقت المجنونة أو بلغت الصغيرة قبل انقضاء المدة تممت المدة ثم لها المطالبة، وإن كان ذلك بعد انقضاء المدة فإنها المطالبة يومئذ،