" للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فان الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فان الله سميع عليم " وإن كانت الزوجة أمة لم يجز للمولى المطالبة، وإن كانت مجنونة لم يكن لوليها المطالبة، لان المطالبة بالطلاق أو الفيئة طريقها الشهوة، فلا يقوم الولي فيه مقامها، والمستحب أن يقول له في المجنونة: اتق الله في حقها فاما أن تفي إليها أو تطلقها. وأن ثبتت لها المطالبة فعفت عنها الزوجة جاز لها أن ترجع وتطالب، لأنها إنما ثبت لها المطالبة لدفع الضرر بترك الوطئ، وذلك يتجدد مع الأحوال فجاز لها الرجوع، كما لو أعسر بالنفقة فعفت عن المطالبة بالفسخ. وإن طولب بالفيئة فقال أمهلوني ففيه قولان:
(أحدهما) يمهل ثلاثة أيام لأنه قريب. والدليل عليه قوله عز وجل " ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب، فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " ولهذا قدر به الخيار في البيع (والثاني) يمهل قدر ما يحتاج إليه للتأهب للوطئ، فإن كان ناعسا أمهل إلى أن ينام. وإن كان جائعا أمهل إلى أن يأكل، وإن كان شبعانا أمهل إلى يخف.
وإن كان صائما أمهل إلى أن يفطر، لأنه حق حمل عليه وهو قادر على أدائه فلم يمهل أكثر من قدر الحاجة كالدين الحال (الشرح) إذا انقضت المدة فلها المطالبة بالفيئة ان لم يكن عذر، فان طالبته فطلب الامهال فإن لم يكن له عذر لم يمهل، لأنه حق توجه عليه لا عذر له فيه فلم يمهل به كالدين الحال، ولان الله تعالى جعل المدة أربعة. أشهر فلا تجوز الزيادة عليها بغير عذر، وإنما يؤخر قدر ما يتمكن من الجماع في حكم العادة، فإنه لا يلزمه الوطئ في مجلسه ولى ذلك بإمهال فان قال: أمهلوني حتى أكل فاني جائع، أو ينهضم الطعام فاني كظيظ، أو أصلى الفرض، أو أفطر من صوم ففيه وجهان:
(أحدهما) أمهل ثلاثة أيام، لقوله تعالى " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام "