ويجاب بمنع الملازمة وبقوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر) فان الله تعالى شرع التربص هذه المدة فلا يجوز مطالبة الزوج قبلها، واختياره للفئ قبلها ابطال لحقه من جهة نفسه، فلا يبطل بإبطال غيره قال القاضي ابن العربي: وتحقيق الامر أن تقدير الآية عندنا: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فان فاءوا بعد انقضائها فان الله غفور رحيم، وان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم. وتقديرها عندهم: فان فاءوا فيها فان الله غفور رحيم، وان عزموا الطلاق بترك الفيئة فيها، وهذا احتمال متساو ولأجل تساويه توقفت فيه.
قال الشافعي رضي الله عنه: وهكذا لو ارتدت عن الاسلام لم يكن عليه طلاق حتى ترجع إلى الاسلام في العدة، فإذا رجعت قيل له: فئ أو طلق، وان لم ترجع حتى تنقضي العدة بانت منه بالردة ومضى العدة. قال: وإذا كان منع الجماع من قبلها بعد مضى الأربعة الأشهر قبل الوقف أو معه لم يكن لها على الزوج سبيل حتى يذهب منع الجماع من قبلها ثم يوقف مكانه، لان الأربعة الأشهر قد مضت وإذا كان منع الجماع من قبلها في الأربعة الأشهر بشئ تحدثه غير الحيض الذي خلقه الله عز وجل فيها ثم أبيح الجماع من قبلها أجل من يوم أبيح أربعة أشهر.
كما جعل الله تبارك وتعالى له أربعة أشهر متتابعة، فإذا لم تكمل له حتى يمضى حكمها استؤنفت له متتابعه كما جعلت له أولا.
ولو كان آلى منها ثم ارتد عن الاسلام في الأربعة الأشهر أو ارتدت أو طلقها أو خالعها ثم راجعها أو رجع المرتد منهما إلى الاسلام في العدة استأنف في هذه الحالات كلها أربعة أشهر من يوم حل له الفرج بالمراجعة أو النكاح أو رجوع المرتد منهما إلى الاسلام، ولا يشبه هذا الباب الأول، لأنها في هذا الباب صارت محرمة الشعر والنظر والحبس والجماع، وفى تلك الأحوال لم تكن محرمة بشئ غير الجماع وحده، فأما الشعر والنظر والحبس فلم يحرم منها، وهكذا لو ارتدا. اه قلت: وجملة ذلك أنه إذا آلى منها وثم عذر يمنع الوطئ من جهة الزوج كمرضه أو حبسه أو احرامه أو صيامه حسبت عليه المدة من حين ايلائه،