(الشرح) إذا كانت في ماء جار فقال لها: إن أقمت في هذا الماء فأنت طالق وان خرجت منه فأنت طالق، فأكثر أصحابنا قالوا لا تطلق، سواء أقامت فيه أو خرجت منه، لان الإشارة وقعت إلى الماء الذي هي فيه، فإذا ذهب وجاء غيره فلم تقم في الماء الذي تناولته اليمين ولم تخرج منه.
وقال القفال: عندي أنها على قولين كما لو قال لها: ان لم تشربي من هذا الكوب اليوم فأنت طالق، فانصب ذلك أو كسر الكوب فهل تطلق؟ على قولين فقال أبو علي الشيخي: وهذا يشبه هذا، إلا أن الشرب قد فات من كل جهة.
والمقام في ذلك الماء لم يفت بالجريان، لأنها لو جرت في ذلك الماء بجريان الماء لكان يحنث بمكثها حتى جاوزها ذلك الماء. ألا ترى أنه لو حول ذلك الماء في الكوب إلى دار بحيث يمكنها الذهاب إليه للشرب في هذا اليوم فلم يفعل تعلقت به اليمين، لأن الماء قائم يمكنها شربه ولو قال لها: إن لم تخرجي من هذا النهر الآن فأنت طالق فلم تخرج طلقت.
لان النهر اسم للمكان الذي فيه الماء والخروج منه ممكن، وإن كانت في راكد فقال لها إن قمت في هذا الماء فأنت طالق وان خرجت منه فأنت طالق، فالخلاص من الحنث أن تحمل منه مكرهة عقيب يمينه، وإن كانت على سلم فقال لها إن صعدته فأنت طالق، وان نزلت منه فأنت طالق، وان أقمت عليه فأنت طالق.
فالخلاص منه أن تتحول إلى سلم آخر أو تنزل منه مكرهة (فرع) وإن كان في فيها تمرة وقال لها ان أكلتها فأنت طالق، وان رميتها فأنت طالق، وان أمسكتها فأنت طالق، فالخلاص من الحنث أن تأكل بعضها.
لأنها إذا فعلت ذلك فما أكلتها ولا رمتها ولا أمسكتها.
وان قال لها: ان أكلتها فأنت طالق، وان لم تأكليها فأنت طالق - فحكى ابن الصباغ أن الشيخ أبا حامد قال: إذا أكلت بعضها لم تطلق: قال ابن الصباغ وهذا ليس بصحيح، لأنها إذا أكلت بعضها فما أكلتها فيجب أن يحنث، والذي قاله ابن الصباغ إنما يتصور الحنث في عدم أكلها وان ماتت المرأة أو تلف باقي التمرة قبل موتها، فأما قبل ذلك فلا يتصور الحنث في عدم أكلها