ناطقا كانت مشيئته بالنطق. وان قال أنت طالق إن شاء الحمار فهو كما لو قال أنت طالق ان طرت أو صعدت إلى السماء وقد بيناه.
وإن قال أنت طالق لفلان أو لرضى فلان طلقت في الحال، لان معناه أنت طالق ليرضى فلان، كما يقول لعبده: أنت حر لوجه الله أو لمرضاة الله. وان قال أنت طالق لرضى فلان، ثم قال أردت ان رضى فلان على سبيل الشرط دين فيما بينه وبين الله عز وجل لأنه يحتمل ما يدعيه، وهل يقبل في الحكم؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يقبل، لان ظاهر اللفظ يقتضى انجاز الطلاق فلم يقبل قوله في تأخيره كما لو قال أنت طالق وادعى أنه أراد ان دخلت الدار (والثاني) أنه يقبل لان اللفظ يصلح للتعليل والشرط، فقيل قوله في الجميع (الشرح) وان قال لها أنت طالق إن شئت - فإن قالت في الحال شئت وكانت صادقة وقع الطلاق ظاهرا وباطنا لوجود الصفة، وإن كانت كاذبة وقع الطلاق في الظاهر، وهل يقع في الباطن؟ فيه وجهان، أحدهما لا يقع لان قولها شئت إخبار عن مشيئتها بقلبها واختيارها للطلاق، فإذا لم تشأ ذلك بقلبها لم يقع في الباطن.
(والثاني) يقع في الباطن لان الصفة قولها شئت وقد وجدت فوقع الطلاق ظاهرا وباطنا كما لو علق الطلاق على دخولها الدار فدخلت وإن قالت شئت ان شئت لم يقع الطلاق سواء شاء الزوج أو لم يشأ لأنه علق الطلاق على مشيئتها ولم توجد منها المشيئة، وإنما وجد منها تعليق المشيئة بمشيئته، فهو كما لو قالت شئت إذا طلعت الشمس (فرع) وان قال أنت طالق ان شاء زيد، فإن قال زيد على الفور شئت وقع الطلاق، وان لم يشأ على الفور لم يقع الطلاق. وان قال: أنت طالق ان شئت وزيد، فإن قالا في الحال شئنا وقع الطلاق. وان شاء أحدهما دون الآخر لم تطلق لأنه علق الطلاق بمشيئتهما. وذلك لا يوجد بمشيئة أحدهما. وان قالت شئت ان شاء زيد، فقال زيد شئت لم تطلق لأنها لم يوجد منها المشيئة، وإنما وجد منها تعليق المشيئة.