الانشاء والاخبار، فإن أراد الاخبار فقد استعمله فيما هو صالح له فيقبل منه، وان أراد الانشاء سئل عن السبب الذي حرمها به.
فإن قال: أردت واحدة أو اثنتين أو ثلاثا قبل منه لصلاحية اللفظ له واقترانه بنيته، وان نوى الظهار كان كذلك لأنه صرح بموجب الظهار لان قوله أنت علي كظهر أمي موجبه التحريم، فإذا نوى ذلك بلفظ التحريم كان ظهارا واحتماله للطلاق بالنية لا يزيد على احتماله للظهار بها، وإن أراد تحريمها مطلقا فهو يمين مكفرة لأنه امتناع منها بالتحريم فهو كامتناعه منها باليمين.
وروينا عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى منزل حفصة فلم يجدها وكانت عند أبيها، فاستدعى جاريته مارية القبطية، فأتت حفصة فقالت:
يا رسول الله في بيتي وفي نومي وعلى فراشي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضيك وأسر إليك سرا فاكميه، هي على حرام، فأنزل الله تعالى " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك؟ تبتغى مرضاة أزواجك؟ الآية " فقال: لم تحرم؟ ولم يقل: لم تحلف؟ أو لم تطلق، أو لم تظاهر، ولم تولى، فإذا ثبت هذا في الأمة قسنا الزوجة عليها لأنها في معناها في تحليل البضع وتحريمه.
وروى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم على نفسه جاريته مارية، فأنزل الله تعالى " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك " الآية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من حرم على نفسه حلالا له أن يعتق رقبة أو يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم.
فإذا قلنا: إن لفظة الحرام صريح في ايجاب الكفارة فوجهه حديث ابن عباس ولان كل كفارة وجبت بالكناية مع النية وجب أن يكون لوجوب تلك الكفارة صريح كالظهار، وبيان هذا أنه إذا قال لامرأته: أنت علي حرام ونوى به الظهار وجب عليه كفارة الظهار وكان كناية عن الظهار، ثم كان للظهار صريح وهو قوله أنت علي كظهر أمي، كذلك كفارة التحريم لما وجب بالكفارة مع النية، وهو قوله: أنت علي حرام كالميتة والدم ونوى به تحريم عينها وجب أن يكون لهذه الكفارة صريح، وهو قوله: أنت علي حرام كالميتة وإذا قلنا إن التحريم كناية لا يجب به شئ من غير نية فوجهه أن كل ما كان