حق الأخرس، وكذلك لا يقع الطلاق بالكتابة الا في حق الغائب (والثاني) أنه يقع بها من الجميع، لأنها كناية فاستوى فيها الحاضر والغائب كسائر الكنايات.
(فصل) فإن أشار إلى الطلاق - فإن كان لا يقدر على الكلام كالأخرس صح طلاقه بالإشارة، وتكون إشارته صريحا لأنه لا طريق له إلى الطلاق الا بالإشارة، وحاجته إلى الطلاق كحاجة غيره، فقامت الإشارة مقام العبارة، وإن كان قادرا على الكلام لم يصح طلاقه بالإشارة، لان الإشارة إلى الطلاق ليست بطلاق، وإنما قامت مقام العبارة في حق الأخرس لموضع الضرورة، ولا ضرورة ههنا فلم تقم مقام العبارة (الشرح) الأحكام: إذا كتب طلاق امرأته وتلفظ به وقع الطلاق، لأنه لو تلفظ به ولم يكتبه وقع الطلاق، فكذلك إذا كتبه ولفظ به، وان كتب طلاقها ولم يلفظ به ولا نواه لم يقع الطلاق، وبه قال مالك وأبو حنيفة. وقال أحمد:
يقع به الطلاق، وحكاه أبو علي الشيخي وجها لبعض أصحابنا وليس بمشهور، لان الكتابة قد يقصد بها الحكاية، وقد يقصد بها تجويد الخط فلم يقع به الطلاق وبه قال أبو حنيفة وأحمد وهو الصحيح، فوجهه أن الانسان يعبر عما في نفسه بكتابته كما يعبر عنه بلسانه، ولهذا قيل: القلم أحد اللسانين، وقد ثبت أنه لو عبر عن الطلاق باللسان لوقع فكذلك إذا عبر عنه بالكتابة وإذا قلنا: لا يقع به الطلاق فوجهه أنه فعل من يقدر على القول فلم يقع به الطلاق كالإشارة، وفيه احتراز من إشارة الأخرس إذا ثبت هذا - فان قلنا لا يقع به الطلاق - فلا تفريع عليه، وان قلنا يقع به الطلاق - فإن كانت غائبة عنه وكتب بطلاقها - وقع، وإن كانت حاضرة معه فهل يقع طلاقها بكتابته؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يقع لان الكتابة إنما جعلت كالعبارة في حق الغائب دون الحاضر، كالإشارة في حق الأخرس دون الناطق (والثاني) يقع لأنه كناية في الطلاق فصحت من الغائب والحاضر كسائر الكنايات (فرع) إذا كتب امرأته طالق ونواه وقع عليها سواء وصلها أو لم يصلها