كان بكلمة أو كلمات، لأنهما حدود من جنس فوجب أن تتداخل كحدود الزنا وقال أحمد في إحدى روايتيه بقول الشافعي في القديم، والثاني يقام لكل واحد حد بكل حال لأنها حقوق لآدميين فلم تتداخل كالديون. وقال أحمد في الرواية الأخرى: إذا طالبوا مجتمعين فحد واحد، وان طالبوا متفرقين فلكل واحد حد لأنهم إذا اجتمعوا في الطلب أمكن ايفاؤهم بالحد الواحد، وإذا تفرقوا لم يمكن جعل الحد الواحد ايفاء لمن لم يطالب، لأنه لا يجوز إقامة الحد له قبل المطالبة منه ولنا أنه إذا قذفهما بكلمة واحدة لا يجزئ حد واحد، لان لكل واحد حقا فوجب لكل واحد حد، كما لو قذف الثاني بعد حد الأول، وهكذا الحكم فيما إذا قذف أجنبيين أو أجنبيات فالتفصيل فيه على ما ذكرناه.
وان قذف أربع نسائه فالحكم في الحد كذلك، وان أراد اللعان فعليه أن يلاعن لكل واحدة لعانا مفردا، ويبدأ بلعان التي تبدأ بالمطالبة، فان طالبن جميعا وتشاححن بدأ بإحداهن بالقرعة، وان لم يتشاححن بدأ بلعان من شاء منهن.
ولو بدأ بواحدة منهن من غير قرعة من المشاحة صح، ويحتمل أن يجزئه لعان واحد فيقول: أشهد بالله انى لمن الصادقين فيما رميت به كل واحدة من زوجاتي هؤلاء الأربع من الزنا، وتقول كل واحدة أشهد بالله انه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، لأنه يحصل المقصود بذلك، والأول أصح لان اللعان أيمان فلا تتداخل لجماعة كالايمان في الديون (فرع) إذا أقام البينة على زناها فقذفها آخر فلا حد عليه لأنه قد زال احصانها، ولان هذا القذف لم يدخل المعرة عليها، وإنما دخلت المعرة بقيام البينة ولكنه يعزر تعزير السب والأذى، وهكذا كل من قامت البينة بزناه لا حد على قاذفه، وبه قال أحمد وأصحاب الرأي، ولكنه يعزر تعزير السب والأذى، ولا يملك الزوج اسقاطه عن نفسه باللعان لما قدمناه وان قذف زوجته ولاعنها ثم قذفها بزنا آخر فعليه الحد لأنها بانت منه باللعان وصارت أجنبية الا أن يضيف الزنا إلى حال الزوجية، فعند ذلك إن كان ثم نسب يريد نفيه فله الملاعنة لنفيه والا لزمه الحد ولا لعان بينهما، والله تعالى أعلم بالصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل