(الشرح) إذا ثبت ما قدمنا من شرح الفصول فهل يتقدر الخيار في النفي بمجلس العلم؟ أو بإمكان النفي؟ على وجهين بناء على المطالبة بالشفعة، فإن أخر نفيه عن ذلك ثم ادعى أنه لا يعلم بالولادة وأمكن صدقه بأن يكون في موضع يخفى عليه ذلك، مثل أن يكون في محلة أخرى فالقول قوله مع يمينه لان الأصل عدم العلم، وان لم يمكن - مثل أن يكون معها في الدار - لم يقبل لان ذلك لا يكاد يخفى عليه.
وإن قال علمت ولادته ولم أعلم أن لي نفيه، أو علمت ذلك ولم أعلم أنه على الفور وكان ممن يخفى عليه ذلك كعامة الناس قبل منه، لان هذا مما يخفى عليهم فأشبه ما لو كان حديث عهد بإسلام. وإن كان فقيها لم يقبل منه وقال بعض الحنابلة يحتمل أن يقبل منه لان الفقيه يخفى عليه كثير من الأحكام أفاده ابن قدامة. وقال أكثرهم كقولنا لا يقبل ذلك من الفقيه ويقبل من الناشئ وحديث العهد بالاسلام. وهل يقبل من سائر العامة؟ على وجهين ذكرهما المصنف (فرع) إذا قال لم أصدق الخبر عنه نظرت - فإن كان مستفيضا وكان المخبر مشهور العدالة - لم يقبل والا قبل.
وان قال لم أعلم أن على ذلك قبل قوله لأنه مما يخفى، وان علم وهو غائب فأمكنه السير فاشتغل به لم يبطل خياره. وإن كانت له حاجة تمنعه من السير فهو على ما ذكرنا من قبل، وان أخر نفيه لغير عذر وقال: أخرت نفيه رجاء أن يموت فأستر عليه وعلى بطل خياره، لأنه أخر نفيه مع الامكان لغير عذر (مسألة) قوله " وان هنأه رجل بالولد الخ " فجملة ذلك أنه إذا هنئ به فأمن على الدعاء لزمه في قولهم جميعا. وان قال أحسن الله جزاءك أو بارك الله عليك أو رزقك الله مثله فإنه لا يلزمه لأنه جازاه على قصده وليس ذلك اقرارا ولا متضمنا له. وقال أحمد وأصحابه وأبو حنيفة: يلزمه الولد، لان ذلك جواب الراضي في العادة فكان اقرارا كالتأمين على الدعاء، وان سكت كان اقرارا. هكذا أفاده ابن قدامة، قال لان السكوت صلح دال على الرضى في حق البكر وفى مواضع أخرى، فههنا أولى وهذا وما بقي من فروع في الفصول فقد مضى لنا بحثها في الفصول قبله