وقول الإمام أحمد رضي الله عنه: أما تعجبون من قول أبى عبد الله فإن كان يقصد بنسبة مقول القول إلى الإمام الشافعي كانت تلك رواية أخرى لم تعرف عن الشافعي إلا عن أحمد متفردا بها، والقاعدة ان في رواية الشيخ عن شيخه مخالفا للأقران غرابة، وقد أخذ بعض أصحابنا بصحة نسبة القول إلى الشافعي كأبي العباس ابن سريج فاعتبره قولا ووجهه أنه كالنكاح وقال المصنف: ولعل أحمد أراد بأي عبد الله غير الشافعي - وهذا أحسن ما أجيب به.
(مسألة) إذا قذف امرأته قذفين بزناءين فليس عليه إلا حد واحد، ويكفيه لعان واحد لأنه يمين، فإذا كان الحقان لواحد كفته يمين واحدة في أحد القولين، والثاني يجب حدان لأنهما حقان، وإن لم يلزمه إلا لعان واحد، ومقتضى القول الأول أنه يكفيه أن يقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزناءين وفارق ما إذا قذف زوجتين حيث لا يكفيه لعان واحد، لان اليمين وجبت لكل واحد منهما فلا تتداخل كسائر الايمان. وإن أقام البينة بالأول سقط عنه موجب الثاني لأنه زال إحصانها ولا لعان إلا أن يكون فيه نسب يريد نفيه، وإن أقامها بالثاني لم يسقط الحد الأول وله إسقاطه باللعان الا على قول القاضي، فإنه يسقط بإقامة البينة على الثاني وان قذفها في الزوجية ولاعنها ثم قذفها بالزنا الأول فلا حد عليه لأنه قد حققه بلعانه، ومقتضى القول الثاني أن يحد، كما لو قذفها به أجنبي، ولو قذفها به أجنبي أو بزنا غيره فعليه الحد في قول عامة أهل العلم. منهم ابن عباس والزهري والشعبي والنخعي وقتادة وأحمد وأبو عبيد.
وذكر أبو عبيد عن أصحاب الرأي أنهم قالوا: إن لم ينف بلعانها ولدا حد قاذفها، وان نفاه فلا حد على قاذفها لأنه منتف عن زوجها بالشرع (فرع) إذا قذف امرأته وأجنبية أو أجنبيا بكلمتين فعليه حدان لهما، فيخرج من حد الأجنبية بالبينة خاصة، ومن حد الزوجة بالبينة أو اللعان، وان قذفهما بكلمة واحدة الا أنه إذا لم يلاعن ولم تقم بينة فهل يحد لهما حدا واحدا أو حدين؟
على قولين. قال في القديم: يحد حدا واحدا، وبه قال أبو حنيفة وزاد، سواء