من غير نية كسائر الكنايات، وان قال له رجل: ألك زوجة؟ فقال لا، فإن لم ينو به الطلاق لم تطلق، لأنه ليس بصريح، وان نوى به الطلاق وقع لأنه يحتمل الطلاق (فصل) واختلف أصحابنا في الوقت الذي تعتبر فيه النية في الكنايات، فمنهم من قال إذا قارنت النية بعض اللفظ من أوله أو من آخره وقع الطلاق كما أن في الصلاة إذا قارنت النية جزءا منها صحت الصلاة، ومنه من قال لا تصح حتى تقارن النية جميعها، وهو أن ينوى ويطلق عقيبها، وهو ظاهر النص لان بعض اللفظ لا يصلح للطلاق فلم تعمل النية معه، فأما الصلاة فلا تصح حتى تقارن النية جميعها بأن ينوى الصلاة ويكبر عقيبها، ومتى خلا جزء من التكبير عن النية لم تصح صلاته.
(فصل) وأما ما لا يشبه الطلاق ولا يدل على الفراق من الألفاظ، كقوله اقعدي واقربي واطعمي واسقيني، وما أحسنك وبارك الله فيك وما أشبه ذلك فإنه لا يقع به الطلاق وان نوى، لان اللفظ لا يحتمل الطلاق، فلو أوقعنا الطلاق لأوقعناه بمجرد النية، وقد بينا أن الطلاق لا يقع بمجرد النية (فصل) واختلف أصحابنا في قوله: أنت الطلاق. فمنهم من قال: هو كناية، فإن نوى به الطلاق فهو طلاق لأنه يحتمل أن يكون معناه أنت طالق، وأقام المصدر مقام الفاعل كقوله تعالى " أرأيتم ان أصبح ماؤكم غورا " أراد غائرا وان لم ينو لم يقع، لان قوله أنت الطلاق لا يقتضى وقوع الطلاق. ومنهم من قال هو صريح ويقع به الطلاق من غير نيه، لان لفظ الطلاق يستعمل في معنى طالق، والدليل عليه قول الشاعر:
أنوهت باسمي في العالمين * وأفنيت عمري عاما فعاما فأنت الطلاق وأنت الطلاق * وأنت الطلاق ثلاثا تماما وقال آخر:
فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن * وان تخرقى يا هند فالخرق آلم فأنت الطلاق والطلاق عزيمة * ثلاثا ومن يخرق أعق وأظلم فبيني بها ان كنت غير رفيقة * فما لامرئ بعد الثلاثة مقدم