لكن المسألة عندهم غير صافية عن الإشكال، من جهة مدخلية طيب النفس في اختيار الخصوصية وإن كان الأقوى - وفاقا " لكل من تعرض للمسألة - تحقق الاكراه لغة " وعرفا "، مع أنه لو لم يكن هذا مكرها " عليه لم يتحقق الاكراه أصلا "، إذ الموجود في الخارج دائما " إحدى خصوصيات المكره عليه، إذ لا يكاد يتفق الاكراه بجزئي حقيقي من جميع الجهات. (30) نعم، هذا الفرد مختار فيه من حيث الخصوصية، وإن كان مكرها " عليه من حيث القدر المشترك، بمعنى أن وجوده الخارجي ناش عن إكراه واختيار، ولذا لا يستحق المدح أو الذم باعتبار أصل الفعل، ويستحقه باعتبار الخصوصية. (31)
____________________
(30) الطباطبائي: ويلحق بذلك ما إذا كان أحدهما أهم من الآخر، كالاكراه على الكذب أو الزنا مثلا "، فإن الواجب حينئذ اختيار الكذب، لكن هذا لا من جهة عدم صدق الاكراه، بل من جهة وجوب اختيار أقلهما مفسدة، كما في صورة الاضطرار إلى أحد المحرمين، من دون وجود مكره، فالترجيح في المقام عقلي بخلاف الصورة السابقة، فإن ما له عنوان أن يكون أحد العنوانين فيه مختارا " فيه فتدبر. (ص 123) الإيرواني: هذا غير معقول، فإن الوجود الواحد الخارجي لا يعقل أن يكون ناشيا " عن إكراه واختيار جميعا "، إذ العلة التامة المحركة نحو الفعل، إن كان هو الاكراه، كان الفعل صادرا " عن إكراه، وإلا كان الفعل صادرا " عن اختيار، فيكفي في الاختيارية، اختيارية جزء واحد من أجزاء العلة، كما يعتبر في الاكراه إكراه جميع أجزاء العلة. (ص 111) (31) الإيرواني: يمكن أن يقال: إن إكراه كل مختص بصورة عدم إتيان الآخر، فإذا احتمل كل إتيان صاحبه، بل ظهر أماراته، ومع ذلك سبق إلى الاتيان لم يكن فيه عن إكراه. (111)