وأما الاكراه الرافع لأثر المعاملات، فالظاهر: أن المناط فيه عدم طيب النفس بالمعاملة، وقد يتحقق مع إمكان التفصي، مثلا " من كان قاعدا " في مكان خاص خال عن الغير متفرغا " لعبادة أو مطالعة، فجاءه من أكرهه على
بيع شئ مما عنده وهو في هذه الحال غير قادر على دفع ضرره وهو كاره للخروج عن ذلك المكان لكن لو خرج كان له في الخارج خدم يكفونه شر المكره، فالظاهر:
صدق الاكراه حينئذ، بمعنى عدم طيب النفس لو باع ذلك الشئ، بخلاف من كان خدمه حاضرين عنده، وتوقف دفع
ضرر إكراه الشخص على أمر خدمه بدفعه وطرده، فإن هذا لا يتحقق في حقه الاكراه، ويكذب لو ادعاه، بخلاف الأول إذا اعتذر بكراهة الخروج عن ذلك المنزل. (23) ولو فرض في ذلك المثال إكراهه على محرم لم يعذر فيه بمجرد كراهة الخروج عن ذلك المنزل، وقد تقدم الفرق بين الجبر والاكراه في رواية ابن سنان. فالاكراه المعتبر في تسويغ المحظورات، هو: الاكراه بمعنى الجبر المذكور في الرواية، والرافع لأثر المعاملات هو: الاكراه الذي ذكر فيها أنه قد يكون من الأب والولد والمرأة، والمعيار فيه: عدم طيب النفس فيها، لا الضرورة والالجاء وإن كان هو المتبادر من لفظ الاكراه، (24) ولذا يحمل الاكراه في حديث الرفع عليه، فيكون الفرق بينه وبين الاضطرار - المعطوف عليه في ذلك الحديث - اختصاص الاضطرار بالحاصل لا من فعل الغير كالجوع والعطش والمرض،
____________________
(23) الطباطبائي: فيه منع إلا إذا كان الخروج عن ذلك المكان لاعلام الخدم حرجا " عليه، ومجرد عدم طيب النفس لا يكفي في صدق الاكراه وكيف يمكن فرضه مع حضور الخدم أيضا "، فإنه قد لا تطيب نفسه ومع ذلك يوقع المعاملة. والحاصل: أنك عرفت أن المناط صدق الاكراه، وإلا فطيب النفس في الرتبة الثانية لا ينفك عن فعل الفاعل المختار، والصدق مع الفرض المذكور ممنوع، ومجرد كراهة الخروج من ذلك المكان لا يكفي في ذلك، وإلا فيمكن أن مع حضور الخدم أيضا " قد يكره أمرهم بدفع شر المكره. (ص 123) (24) الطباطبائي: فيه منع - كما عرفت -، إذ قد يصدق الاكراه مع عدم الوصول إلى حد الاضطرار بأن