بقي الكلام فيما وعدنا ذكره من الفرع المذكور في التحرير، قال في التحرير (لو أكره على الطلاق فطلق ناويا "، فالأقرب وقوع الطلاق، إنتهى.) ونحوه في المسالك بزيادة احتمال عدم الوقوع، لأن الاكراه أسقط أثر اللفظ، ومجرد النية لا حكم لها.
وحكي عن سبطه في نهاية المرام: أنه نقله قولا "، واستدل عليه بعموم ما دل من النص والاجماع على بطلان عقد المكره - والاكراه يتحقق هنا، إذ المفروض أنه لولاه لما فعله - ثم قال: والمسألة محل إشكال إنتهى.) وعن بعض الأجلة: (أنه لو علم أنه لا يلزمه إلا اللفظ وله تجريده عن القصد، فلا شبهة في عدم الاكراه وإنما يحتمل الاكراه مع عدم العلم بذلك، سواء ظن لزوم القصد وإن لم يرده المكره، أم لا، إنتهى.) ثم إن بعض المعاصرين ذكر الفرع عن المسالك، وبناه على أن المكره لا قصد له أصلا "، فرده بثبوت القصد للمكره، وجزم بوقوع الطلاق المذكور مكرها " عليه.
وفيه: ما عرفت سابقا ": من أنه لم يقل أحد بخلو المكره عن قصد معنى اللفظ، وليس هذا مرادا " من قولهم: إن المكره غير قاصد إلى مدلول اللفظ، ولذا شرك الشهيد الثاني بين المكره والفضولي في ذلك كما عرفت سابقا "، فبناء هذا الحكم في هذا الفرع على ما ذكر ضعيف جدا ". وكذا ما تقدم عن بعض الأجلة: من أنه إن علم بكفاية مجرد اللفظ المجرد عن النية فنوى اختيارا صح، لأن مرجع ذلك إلى وجوب التورية على العارف بها المتفطن لها، إذ لا فرق بين التخلص بالتورية بين تجريد اللفظ عن قصد المعنى بحيث يتكلم به لاغيا "، وقد عرفت: أن ظاهر الأدلة والأخبار الواردة في طلاق المكره وعتقه: عدم اعتبار العجز عن التورية.