وضرب يحفره في الموات لا للتمليك.
فما يحفره في ملكه فإنما هو نقل ملكه من ملكه، لأنه ملك المحل قبل الحفر.
والثاني إذا حفر في الموات ليتملكها بالإحياء. فإذا ثبت هذا فالماء الذي يحصل في هذين الضربين هل يملك أم لا؟ قيل: فيه وجهان: أحدهما: أنه يملك.
والثاني: أنه لا يملكه، لأنه لو ملكه لم يستبح بالإجارة وإنما قلنا: إنه مملوك، لأنه نماء ملكه مثل ثمرة الشجرة وإنما يستباح بالإجارة بمجرى العادة، ولأنه لا ضرر على مالكه، لأنه يستخلف في الحال بالنبع وما لا ضرر عليه فليس له منعه مثل الاستظلال بحائطه.
فإذا أراد بيع شئ منه وهو في البئر وشاهده المشتري جاز ذلك كيلا أو وزنا، ولا يجوز أن يبيع جميع ما في البئر لأنه لا يمكن تسليمه لأنه ينبع ويزيد كلما استقي منه شئ فلا يمكن تمييز المبيع من غيره.
وأما الضرب الثالث فهو إذا نزل قوم موضعا من الموات فحفروا بئرا ليشربوا ويسقوا بهائمهم منها مدة مقامهم ولم يقصدوا التملك بالإحياء، فإنهم لا يملكونها. لأن المحيي إنما يملك بالإحياء إذا قصد تملكه به، فإذا لم يقصد تملكه فإنه يكون أحق به مدة مقامه، فإذا رحل فكل من سبق فهو أحق به مثل المعادن الظاهرة.
والكلام في المياه في فصلين: أحدهما في ملكهما، والآخر في السقي منها.
فالكلام في ملكهما فهو على ثلاثة أضرب: مباح ومملوك ومختلف فيه.
فالمباح: مثل ماء البحر والنهر الكبير مثل دجلة والفرات والنيل وجيحون وسيحان، فأما سيحان فنهر بلخ، وأما جيحون وقيل: جيحان، فذكر في كتاب الكوفة أنه دجلة. وقال الجوهري اللغوي في كتاب الصحاح: سيحان نهر بالشام وساحين نهر بالبصرة وسيحون نهر بالهند وجيحون نهر بلخ وجيحان نهر بالشام.
فكل هذا مباح ولكل أحد أن يستعمل منه ما أراد ويأخذ كيف شاء.
وأما المملوك فكل ما حازه من الماء المباح في قربة أو جرة أو بركة أو مصنع فهذا كله مملوك كسائر المائعات المملوكة الأدهان والألبان وغيرهما.