بحيث يلتف أغصان الغراسين وبحيث يلتقي عروقهما كان للأول منعه لما ذكرناه.
وإن حفر رجل بئرا في داره وأراد جاره أن يحفر بالوعة أو بئر كنيف بقرب هذه البئر لم يمنع منه وإن أدى ذلك إلى تغير ماء البئر لأنه مسلط على التصرف في ملكه بلا خلاف.
وأما المعادن فعلى ضربين: ظاهرة وباطنة.
فالباطنة لها أحكام مذكورة في مواضعها.
وأما الظاهرة فهي الماء والقير والنفط والمومياء والكبريت والملح وما أشبه ذلك، فهذا لا يملك بالإحياء ولا يصير أحد أولى به بالتحجر من غيره، وليس للسلطان أن يقطعه بل الناس كلهم فيه سواء يأخذون منه قدر حاجتهم بل يجب عندنا فيه الخمس ما عدا الماء، ولا خلاف في أن ذلك لا يملك، وليس للسلطان أن يقطع مشارع الماء بغير خلاف وكذلك المعادن الظاهرة، فإذا ثبت أنها لا تملك، فمن سبق إليها أخذ قدر حاجته منها وانصرف، فإن سبق إليه اثنان أقرع بينهما الإمام، وليس للسلطان أن يقطع الشوارع ورحاب الجوامع.
وأما المعادن الباطنة مثل الذهب والفضة والنحاس والرصاص وحجارة البرام والفيروزج وغير ذلك مما يكون في بطون الأرض والجبال ولا يظهر إلا بالعمل فيها والمؤونة عليها فهل يملك بالإحياء أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما: أنه يملك، وهو مذهبنا. والثاني:
لا يملك، وهو مذهب مخالفينا.
إذا أحيا أرضا من الموات فظهر فيها معدن ملكها بالإحياء، وملك المعدن الذي ظهر فيها بلا خلاف لأن المعدن مخلوق خلقة الأرض فهو جزء من أجزائها، وكذلك إذا اشترى دارا فظهر فيها معدن كان للمشتري دون البائع. فأما إذا وجد فيها كنز مدفونا كان له ويخرج منه الخمس إذا بلغ مقدار ما يجب فيه الزكاة سواء كان من دفن الجاهلية أو دفن الاسلام، وإن كان ذلك الكنز في أرض اشتراها فإن الكنز لا يدخل في البيع لأنه مودع فيه، ويجب عليه تعريف البائع ذلك فإن عرفه سلمه إليه وإلا أخرج منه الخمس إذا بلغ مقدار عشرين دينارا، على ما قدمناه.
الآبار على ثلاثة أضرب: ضرب يحفره في ملكه، وضرب يحفره في الموات ليملكها،