اختصاصا مانعا من المزاحمة فلا يصح دفع هذا الاختصاص بالإحياء.
الخامس: ألا يسبق إليه سابق بالتحجر فإن التحجير يفيد الأولوية لا ملكا للرقبة، وإن ملك به التصرف حتى لو هجم عليه من يروم الأحياء كان له منعه، ولو قاهره فأحياها لم يملكه، والتحجير هو أن ينصب عليها المروز أو يحوطها بحائط، ولو اقتصر على التحجير وأهمل العمارة أجبره الإمام على أحد الأمرين، إما الأحياء وإما التخلية بينها وبين غيره، ولو امتنع أخرجها السلطان من يده لئلا يعطلها، ولو بادر إليها من أحياها لم يصح ما لم يرفع السلطان يده أو بإذن في الأحياء.
وللنبي ص: أن يحمي لنفسه ولغيره من المصالح كالحمى لنعم الصدقة، وكذا عندنا لإمام الأصل، وليس لغيرهما من المسلمين أن يحمي لنفسه فلو أحياه محي لم يملكه ما دام الحمى مستمرا، وما حماه النبي ص أو الإمام ع لمصلحة فزالت جاز نقضه، وقيل: ما يحميه النبي ص خاصة لا يجوز نقضه لأن حماه كالنص.
الطرف الثاني: في كيفية الأحياء:
والمرجع في إلى العرف لعدم التنصيص شرعا ولغة، وقد عرف أنه إذا قصد سكنى أرض فأحاط ولو بخشب أو قصب أو سقف مما يمكن سكناه سمي إحياء، وكذا لو قصد الحظيرة فاقتصر على الحائط من دون السقف وليس تعليق الباب شرط، ولو قصد الزراعة كفى في تمليكها التحجير بمرز أو مسناة وسوق الماء إليها بساقية أو شابهها، ولا يشترط حراثتها ولا زراعتها لأن ذلك انتفاع كالسكنى. ولو غرس أرضا فنبت فيها الغرس وسابق إليها الماء تحقق الأحياء، وكذا لو كانت مستأجمة فعضد شجرها وأصلحها، وكذا لو قطع عنها المياه الغالبة وهيأها للعمارة، فإن العادة قاضية بتسمية ذلك كله إحياء لأنه أخرجها بذلك إلى حد الانتفاع الذي هو ضد الموت، ومن فقهائنا الآن من يسمى التحجير إحياء وهو بعيد.