وأما آحاد المسلمين فليس لهم أن يحموا لأنفسهم ولا لعامة المسلمين لقوله ع:
لا حمى إلا لله ولرسوله.
وأما الأئمة ع فإن حموا كان لهم ذلك لأن أفعالهم حجة عندنا.
فأما الذي يحمى له فإنه يحمى للخيل المعدة لسبيل الله ونعم الجزية والصدقة والضوال.
وأما قدر ما يحميه فهو ما لا يعود بضرر على المسلمين أو يضيق مراعيهم لأن الإمام عندنا لا يفعل إلا ما هو من مصالح المسلمين، فإذا ثبت هذا فإنه يحمي القدر الذي يفضل عنه ما فيه كفاية لمواشي المسلمين، وإذا أذن واحد من الأئمة ع لغيره في إحياء ميت فأحياه فإنه يملكه، فأما من يحييه بغير إذنه فإنه لا يملك به حسب ما قدمناه.
وأما ما به يكون الأحياء فلم يرد الشرع ببيان ما يكون إحياء دون ما لا يكون، غير أنه إذا قال النبي ع: من أحيا أرضا فهي له، ولم يوجد في اللغة معنى ذلك فالمرجع فيه إلى العرف والعادة فما عرفه الناس إحياء في العادة كان إحياء وملك به الموات، كما أنه لما قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، رجع في ذلك إلى العادة.
هذا مذهبنا، فأما المخالف لنا فله تفاصيل في الأحياء يطول شرحها.
فإذا أحياها وملكها فإنه يملك مرافقها التي لا صلاح للأرض إلا بها، وإذا حفر بئرا أو شق نهرا أو ساقية فإنه يملك حريمها.
وجملته إن ما لا بد منه في استقاء الماء ومطرح الطين إذا نضب الماء فكربت الساقية والنهر ويكون ذلك على حسب الحاجة قل أم كثر، وأما إن أراد أن يحفر بئرا في داره أو ملكه وأراد جاره أن يحفر لنفسه بئرا بقرب تلك البئر لم يمنع منه بلا خلاف في جميع ذلك وإن كان ينقص بذلك ماء البئر الأولى لأن الناس مسلطون على أملاكهم.
والفرق بين الملك والموات أن الموات يملك بالإحياء فمن سبق إلى حفر البئر ملك حريمه وصار أحق به وليس كذلك في الملك لأن ملك كل واحد منهما ثابت مستقر وللمالك أن يفعل في ملكه ما شاء، وكذلك إذا أحيا أرضا ليغرس فيها بجنب أرض فيها غراس لغيره