ولا شراء شئ يعلم أن فيه شيئا من الطريق، فإن اشترى دارا أو أرضا ثم علم بعد ذلك أنه كان صاحبه قد أخذ شيئا من الطريق فيها لم يكن عليه شئ إذا لم يتميز له الطريق فإذا تميز وجب عليه رده إليها وكان له الرجوع على البائع بالدرك أو فسخ البيع.
وروي: أنه إذا كان للإنسان في يده دار أو أرض ورثه عن أبيه عن جده غير أنه يعلم أنها لم يكن ملكا لهم وإنما كانت ملكا للغير ولا يعرف المالك لم يجز له بيعها بل ينبغي أن يتركها بحالها، فإن أراد بيعها فليبع تصرفه فيها ولا يبيع أصلها على حال.
قال محمد بن إدريس: يمكن أن يقال إنما كان الأمر على ما ذكر في هذا الحديث والوجه في ذلك وكيف يجوز له تركها في يده وبيع ما جاز له بيعه وهو يعلم أنه لم يكن لمورثه إن هذه الدار لم يحط علمه بأنها غصب، وإنما قال في الحديث: لم يكن لمورثه ومن كان بيده شئ ولم يعلم لمن هو.
فسبيله سبيل اللقطة فبعد التعريف المشروع يملك التصرف فجاز أن يبيع ما له فيها وهو التصرف الذي ذكره في الخبر دون رقبة الأرض إذا كانت في الأرض المفتتحة عنوة. فهذا وجه في تأويل هذا الحديث.
وبعد هذا كله فهذه كلها أخبار آحاد أوردها شيخنا في نهايته لئلا يشذ من الأخبار شئ على ما اعتذر به رحمه الله في عدته، فأوردناها نحن في كتابنا هذا كما أوردها - والله أعلم - الكثير من أصحاب الأخبار والحديث فإنهم يوردون ما سمعوا ويروون ما روي لهم وحدثوا.
والأرضون الموات التي لم يجر عليها ملك لأحد لإمام المسلمين خاصة لا يملكها أحد بالإحياء إلا أن يأذن له الإمام، وأما الذمي فلا يملك إذا أحيا أرضا في بلاد الاسلام وكذلك المستأمن.
والناس في الحمى على ثلاثة أضرب: النبي ع والأئمة المعصومون من بعده ع وآحاد المسلمين.
فأما النبي ع فكان له أن يحمي لنفسه ولعامة المسلمين لقوله ع:
لا حمى إلا لله ولرسوله.
وروي عنه ع أنه حمى النقيع - بالنون - لخيل المجاهدين ترعى فيه.