وجب عليه أن يوفيه تمام ما باعه إياه، فغير واضح. لأن العقد وقع على شئ معين فانتقاله إلى عين أخرى يحتاج إلى دليل. وأما قوله: كان بالخيار بين أن يرد الأرض ويسترجع الثمن بالكلية وبين أن يطالب برد ثمن ما نقص، أما الخيار بين الرد والإمساك فله ذلك بغير خلاف، بل بقي بأي شئ يرجع من الثمن إن لم يرد وأمسك الأرض فيه قول، ذكر شيخنا أبو جعفر في مبسوطه قال: إذا قال: بعتك هذه الأرض على أنها مائة ذراع فكانت تسعين فالمشتري بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أجازه بجميع الثمن لأن العقد وقع عليه، وإن كانت أكثر من مائة ذراع قيل فيه وجهان: أحدهما يكون البائع بالخيار بين الفسخ وبين الإجازة بجميع الثمن وهو الأظهر. والثاني باطل لأنه لا يجبر على ذلك، وكذلك الثياب والخشب وجميع ما لا يتساوى قيمة أجزائه وهو الذي لا مثل له بل يضمن بالقيمة فحكمه حكم الأرض في البيع، وهو ما مضى ذكره من الزيادة والنقصان، فأما ما يتساوى قيمة أجزائه وهو الذي له مثل ويضمن بالمثلية فإنه إذا اشترى صبرة طعام على أنها مائة كر فأصاب خمسين كرا كان المشتري بالخيار إن شاء أخذها بحصتها من الثمن وإن شاء فسخ البيع، وإن وجدها أكثر من مائة كر أخذ المائة بالثمن وترك الزيادة، ويخالف الأرض والثياب والخشب على ما تقدم. والفرق بين المسألتين أن الثمن ينقسم هاهنا أعني فيما يتساوى أجزاؤه على أجزاء الطعام لتساوي قيمتها، وليس كذلك الأرض والثياب والخشب فإن أجزاءها مختلفة القيمة فلا يمكن قسمة الثمن على الأجزاء لأنه لا يعلم أن الناقص من الذراع لو وجدكم كانت تكون قيمته، فإذا كان كذلك خير البائع في الزيادة بجميع الثمن وخير المشتري في النقصان بجميع الثمن، ولأجل هذا الاعتبار لو باع ذراعا من خشب أو من دار أو ثوب ويكون الذراع غير معين من الثوب أو الدار أو الخشبة لم يجز وكان البيع باطلا لأنه مجهول ولأن قيمته مختلفة، ولو باع قفيزا غير معين من صبرة معينة لكان البيع صحيحا بلا خلاف فهذا جملة ما أورده ومعانيه وتفاصيله وخلاصته.
قال محمد بن إدريس: لا خلاف أن الخيار يثبت في هذه المسائل فيما وجده ناقصا مما لا مثل له أو مما له مثل للمشتري خاصة لأن له غرضا في جميعه وأن يكون مكملا، فإذا وجده بخلاف ذلك فله الخيار، فإن اختار الرد واسترجاع الثمن فلا كلام وله ذلك وإن اختار الإمساك فله