قال: لا حمى إلا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين.
ولا يجوز للإمام أن يقطع شيئا من الشوارع والطرقات ورحاب الجوامع لأن هذه المواضع لا يملكها واحد بعينه والناس فيها مشتركون فلا يجوز له والحال هذه إقطاعها، ومن أجاز ذلك فعليه الدليل.
والماء المباح يملك بالحيازة سواء حازه في إناء أو ساقه إلى ملكه في نهر أو قناة أو غلب بالزيادة فدخل إلى أرضه، وهو أحق بماء البئر التي ملك التصرف فيها بالإحياء، وإذا كانت في البادية فعليه بذل الفاضل عن حاجته لغيره لنفسه وماشيته ليتمكن من رعي ما جاور البئر من الكلأ المشترك، وليس عليه بذله لزرعه ولا بذل آلة الاستقاء، وقد روى المخالفون أنه ص قال: من منع فضل مائه ليمنع به الكلأ منعه الله فضل رحمته يوم القيامة.
ولمن أحيا البئر من حريمها ما يحتاج إليه في الاستقاء من آلة ومطرح الطين، وروى أصحابنا أن حد ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن ذراعا، وما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستون ذراعا، وما بين بئر العين إلى بئر العين في الأرض الصلبة خمس مائة ذراع وفي الرخوة ألف ذراع، وعلى هذا لو أراد غيره حفر بئر إلى جانب بئره ليسوق منها الماء لم يكن له ذلك بلا خلاف، ولا يجوز له الحفر إلا أن يكون بينهما الحد الذي ذكرناه.
فأما من حفر بئرا في داره أو في أرض له مملوكة فإنه لا يجوز له منع جاره من حفر بئر أخرى في ملكه ولو كانت بئر بالوعة يضر به بلا خلاف أيضا، والفرق بين الأمرين أن الموات يملك التصرف فيه بالإحياء فمن سبق إلى حفر البئر صار أحق بحريمه وليس كذلك الحفر في الملك لأن ملك كل واحد منهما مستقر ثابت فجاز له أن يفعل فيه ما شاء.
ومن قرب إلى الوادي أحق بالماء المجتمع فيه من السيل ممن بعد عنه، وقضى رسول الله ص أن الأقرب إلى الوادي يحبس الماء للنخل إلى أن يبلغ في أرضه إلى أول الساق، وللزرع إلى أن يبلغ إلى الشراك ثم يرسله إلى من يليه ثم هكذا يصنع الذي يليه مع جاره.