الموات فيما غنم من بلاد الشرك قد عمل جاهلي في معدن فيه لم يكن غنيمة ولا يملكه الغانمون بل يكون على الإباحة لأنه لا يدري هل من أظهره قصد التملك أم لا، فلا يدري أنه كان ملكه فيغنم فالأصل أنه على الإباحة كما ذكرناه.
وبلاد الاسلام ضربان: أحدهما أسلم أهلها عليها والآخر افتتحت.
فأما التي أسلم أهلها عليها فمثل مدينة النبي ص فإن العامر لأهله بغير خلاف في ذلك، وأما الموات فجار مجرى الموات الذي قدمنا ذكره.
وأما الذي افتتح فإنه إن كان افتتح عنوة وكان عامرا كان غنيمة وقد تقدم ذكر من يستحق ذلك عندنا وهو جميع المسلمين فأما الموات فما لم يقاتلوا عنه فإن حكمه حكم موات دار الاسلام وأما ما قاتلوا عنه من الموات فهو للإمام، وأما إذا فتح صلحا على أن يكون الدار لهم بشئ يبذلونه صح ذلك ويكون الدار لهم والعامر ملكهم والموات على ما كان عليه، ومن أحيا شيئا منه بإذن الإمام كان أحق به من غيره، وإن أحيا المسلم شيئا منه بإذن الإمام كان أحق به أيضا.
فإن كان الصلح على أن يكون الدار لنا صح ذلك وكان الحكم في ذلك حكم دار الاسلام لأن ذلك صار للمسلمين بالمصالحة فحكم عامره ومواته حكم عامر بلاد الاسلام ومواتها على ما تقدم ذكره، وما يحصل بالمصالحة فهو فئ وحكمه حكم الفئ في أربعة أخماسه وخمسه وقد سلف ذكر ذلك أيضا، ومن يستحق الخمس فإن حصل الصلح على عامرها ومواتها كان العامر للمسلمين والموات الإمام على ما سلف بيانه.
وإذا ملك انسان معدنا في أرض أحياها أو ابتاعها فظهر فيها ثم عمل فيها رجل فأخرج منه قطعا، فإن كان بغير إذنه كان متعديا في عمله ولم يكن له أجرة ويكون ما أخرجه لصاحب المعدن، وإن كان باذنه وكان قد شرط أن يكون ما يخرجه لنفسه دون المالك لم يصح لأن ذلك هبة مجهولة والمجهولة لا يصح تملكه وجميع ما يخرجه يكون لصاحب المعدن إلا أن يستأنف له هبة بعد الإخراج ويقبضه ذلك، ولا أجرة للعامل لأنه عمل لنفسه وإنما يثبت الأجرة له إذا عمل لغيره بإجارة صحيحة أو فاسدة، وإذا كان