ما يكون به صلاح العامر من الغامر فإن صاحب العامر أحق به من غيره، والغامر ضربان: أحدهما لم يجر عليه ملك لأحد والآخر جرى عليه ملكه، فأما ما لم يجر عليه ملك لأحد فهو للإمام وأما ما جرى عليه ملك وصاحبه معين فهو له ولا يملك بالإحياء، وإن لم يكن له صاحب معين كان للإمام.
فأما الأرضون الموات فهي للإمام أيضا لا يملكها أحد إلا بالإحياء باذنه.
وإحياء الأرض يكون للدار والحظيرة والزراعة، فأما إحياؤها للدار فهو أن يحوط عليها حائطا ويسقف عليه فإذا فعل ذلك فقد أحياها وملكها ملكا مستقرا، ويجوز أن يكون هذا الحائط مبنيا بآجر أو حجر أو لبن أو طين أو خشب أو جص، فأما إن أخذها للحظيرة فإحياؤه لها كذلك أن يحوطها بحائط من آجر أو حجر أو طين أو لبن أو خشب، وليس من شرط الحظيرة أن يجعل لها سقف ويعلق عليها باب كالدور، فأما الأحياء للزراعة فهو أن يجمع حولها ترابا وهو الذي سمي مرزا، وأن يرتب لها الماء إما بساقية يحفرها ويسوق الماء إليها فيها أو بقناة يحفرها أو بئرا أو عين يستنبطها، فهذه الثلاثة شرط في صحة الأحياء للزراعة، وإذا أحيا الانسان الأرض على ما ذكرناه وملكها فإنه يملك مرافقها التي لا يصلح الأرض إلا بها.
وإذا حفر بئرا وشق ساقية أو نهرا فإنه يملك حريمها، وجملة ذلك أن ما لا بد منه في استيفاء الماء ومطرح الطين إذا نضب الماء وكريت الساقية والنهر فإن ذلك يكون على حسب الحاجة إليه قليلا كان أو كثيرا، وروى أصحابنا أن حد بئر الناضح أربعون ذراعا، ووردت الرواية عن النبي ص بما يوافق ذلك وهو أنه قال: حريم البئر أربعون ذراعا، وروي أن حد القناة في الأرض السهلة ألف ذراع وفي الحزنة خمس مائة ذراع، وإذا حفر انسان بئرا في موات وملكها ثم أراد غيره أن يحفر إلى جانبها بئرا يسوق الماء منها بذلك لم يجز ذلك وكان له منعه من حفرها بغير خلاف، وكذلك القول في العين إلا أن يكون بينها وبين ما يريد غير حفره الحد الذي ذكرناه متقدما.
وإن أراد حفر بئر في ملكه أو داره ثم أراد جاره حفر بئر لنفسه بقرب تلك البئر لم يجز