تناولت موضع النزاع، لأن البحث في من أقرض ليجر نفعا لا متطوعا به لا في من باع ليؤخر دينا حالا.
ولو قال: فإن محمد بن إسحاق بن عمار روى ما يدل على صورة النزاع، وهي قصة سلسل فإنه أجاز أن يقرضها مائة ألف ويبيعها ثوبا وشيئا معه بتسعة آلاف درهم ويسمي سنة أو شهرا (28)، فلنا عن ذلك أجوبة: أحدها أن الرواية لم تثبت إذ لم تنقل في غير كتاب محمد المذكور. والثاني أنها قضية في واقعة مخصوصة فلا عموم لها. الثالث أن مثل هذه يجوز أن يؤخذ منها الزيادة لوجوه لا تخفى.
الثالث أن يعارضه بما رواه يعقوب بن شعيب، وهو قوله: فإن كان يفعل ذلك معروفا فلا بأس، وإن كان إنما يقرضه من أجل أنه يصب عليه فلا يصلح (29).
وأما الاستدلال بكونه شرطا لا يمنع منه الكتاب والسنة. قلنا: لا نسلم، بل الكتاب مانع منه، والسنة أيضا، وسيذكر ذلك.
وأما الاستدلال بالأصل فنقول: ما أن الأصل الحل، فالأصل حرمة مال الغير، فبتقدير الامتناع من الإقامة على ذلك الشرط يلزم الحرمة. ولأن التمسك بالأصل مشروط بعدم المعارض الشرعي، وقد وجد المعارض، وهو ما يستدل به الخصم.
قوله: لهما ولاية الالتزام. قلنا: لا نسلم، فإن الإنسان لو ألزم نفسه ما لم يدل الشرع على لزومه لما لزم.