المسألة الرابعة في غسل الجنابة.
الذي عليه فتوى الأصحاب، أن الطهارة وجبت لكونها شرط في غيرها، فوجوبها موقوف على وجوب ذلك المشروط وضوءا كانت الطهارة أو غسلا. ومن متأخري الأصحاب من أوجب غسل الجنابة خاصة وإن لم يكن وصلة إلى غيره، حتى أوقعه بنية الوجوب أي وقت كان. وربما سقط هذا البحث على ما نختاره من الأجزاء بنية القربة في الطهارة.
وينبغي هنا أن يستدل لما عليه متقدموا الأصحاب، وهو أن الطهارات بأجمعها لا تجب إلا وصلة إلى ما هي شرط فيه، وقبل وجوب المشروط تكون مندوبة.
ويدل على ذلك النص والمعقول.
أما النص فقوله تعالى: * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * (1). ووجه الاستدلال بالآية، أن الأمر بالغسل مشروط بإرادة القيام إلى الصلاة، فينعدم عند عدمه. أما أنه مشروط فلوجوه: الأول: النقل عن أئمة التفسير (2). الثاني:
أن الجملة الثانية الشرطية معطوفة على الجملة الأولى بالواو المقتضية للتشريك.
الثالث: لو لم يكن وجوب الغسل من الجنابة مشروطا بإرادة القيام إلى الصلاة، لم يكن التيمم كذلك، لأن وجوب اشتراط ذلك مفهوم من العطف، فيكون في الغسل كذلك. أو نقول: إرادة الصلاة شرط في وجوب ما تضمنته الجملة الأولى والأخيرة، فتكون شرطا في ما تضمنته الوسطى وإلا لزم مع تساوي الجمل اختلافها في الحكم. أو نقول: إذا قال: إذا جلس الأمير وأردت الدخول عليه