فالوجه أنها محصلة، وبيان ذلك أن الشرع نصب علامات أوجب محاذاة كل واحدة منها بشئ من أعضاء المصلي، بحيث تكون الجهة المقابلة لوجهه حال محاذاة تلك العلامة هي جهة الاستقبال، فالتياسر حينئذ يكون عن تلك الجهة المقابلة لوجه المصلي.
وأما أنه إذا كانت محصلة كانت هي جهة الكعبة والانحراف عنها يزيل التوجه إليها فالجواب عنه أنا قد بينا أن الفرض هو استقبال الحرم لا نفس الكعبة فإن العلائم قد يحصل الخلل في مسامتها فالتياسر حينئذ استظهار في مقابلة الحرم الذي يجب التوجه إليه وفي كلا من حالتي الاستقبال والتياسر يكون متوجها إلى القبلة المأمور بها، أما في حال الاستقبال فلأنها جهة الإجزاء من حيث هو محاذ لجهة من جهات الحرم تغليبا مستندا إلى الشرع، وأما في حال التياسر فلتحققه (فيلحقه خ ل) محاذاة جهة الحرم، ولهذا تحقق الاستحباب في طرفه لحصول الاستظهار به.
إن قيل هنا إيرادات ثلاثة:
الأول النصوص خالية عن هذا التعيين فمن أين صرتم إليه؟.
الثاني ما الحكمة في التياسر عن الجهة التي نصب العلائم عليها؟ فإن قلتم لأجل تفاوت مقدار الحرم عن يمين الكعبة ويسارها قلنا: إن أريد بالتياسر توسط (وسط خ ل) الحرم فحينئذ يخرج المصلي عن جهة الكعبة يقينا، وإن أريد تياسر لا يخرج به عن سمت الكعبة، فحينئذ يكون ذلك قبلة حقيقة ثم لا يكون بينه وبين التيامن اليسير فرق.
الثالث: الجهة المشار إليها إن كان استقبالها واجبا لم يجز العدول عنها والتياسر عدول فلا يكون مأمورا به.
قلنا: أما الجواب عن الأول فإنه وإن كانت النصوص خالية عن تعيين الجهة نطقا فإنها غير خالية من التنبيه عليها إذ لما يثبت وجوب استقبال الجهة