وبأنه لو كان كذا لجاز لمن وقف على طرف الحرم في جهة الحل أن يعدل عن الكعبة إلى استقبال بعض الحرم.
لأنا نجيب عن الأول بأن المسجد قد يطلق على الحرم كما روي في تأويل قوله تعالى: * (سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام) * (8) وقد ورد أنه كان في بيت أم هاني بنت أبي طالب وهو خارج عن المسجد (9) ولأنا نتكلم على التياسر المبني على قول من يقول بذلك.
ونجيب عن الثاني بأن استقبال جهة الكعبة متعين لمن تيقنها، وإنما يقتصر على الحرم من تعذر عليه التيقن بجهتها. ثم لو ضويقنا جاز أن نلتزم ذلك تمسكا بظاهر الرواية (10).
البحث الثاني: من شاهد الكعبة استقبل ما شاء منها ولا تياسر عليه وكذا من تيقن جهتها على التعيين، أما من فقد القسمين فعليه البناء على العلامات المنصوبة للقبلة، لكن محاذاة كل علامة من العلامات بالعضو المختص بها من المصلي ليس يوجب محاذاة القبلة بوجهه تحقيقا، إذ قد يتوهم المحاذاة ويكون منحرفا عن السمت انحرافا خفيفا، خصوصا عند مقابلة الشئ الصغير.
إذا تقرر ذلك رجعنا إلى جواب الإشكال، أما كون التياسر أمرا إضافيا لا يتحقق إلا بالمضاف إليه فلا ريب فيه، وأما كون الجهة إما محصلة أو غير محصلة